للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قبل يوم القيامة، ويقال: هو الكفر بالحق بين يدي القيامة (١).

وقال مجاهد: ﴿لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ﴾ ليمضي أمامه راكبًا رأسه (٢).

وقال الحسن: لا يُلقى ابن آدم إلا تنزع نفسه إلى معصية اللَّه قدمًا قدمًا إلا من عصمه اللَّه تعالى (٣)، وروي عن عكرمة وسعيد بن جبير والضحاك والسدي وغير واحد من السلف: هو الذي يعجل الذنوب ويسوف التوبة.

وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: هو الكافر يكذب بيوم الحساب (٤)، وكذا قال ابن زيد (٥) وهذا هو الأظهر من المراد، ولهذا قال بعده ﴿يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ (٦)﴾؟ أي: يقول متى يكون يوم القيامة وإنما سؤاله سؤال استبعاد لوقوعه وتكذيب لوجوده كما قال تعالى: ﴿وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٢٩) قُلْ لَكُمْ مِيعَادُ يَوْمٍ لَا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ سَاعَةً وَلَا تَسْتَقْدِمُونَ (٣٠)[سبأ].

وقال تعالى ههنا: ﴿فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ (٧)﴾ قرأ أبو عمرو بن العلاء "برِق" بكسر الراء؛ أي: حارَ، وهذا الذي قاله شبيه بقوله تعالى: ﴿لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ﴾ [إبراهيم: ٤٣] أي: بل ينظرون من الفزع هكذا وهكذا لا يستقر لهم بصر على شيء من شدة الرعب.

وقرأ آخرون "برَق" بالفتح (٦) وهو قريب في المعنى من الأول، والمقصود أن الأبصار تنبهر يوم القيامة وتخشع وتحار وتذل من شدة الأهوال ومن عظم ما تشاهده يوم القيامة من الأمور.

وقوله تعالى: ﴿وَخَسَفَ الْقَمَرُ (٨)﴾ أي: ذهب ضوؤه ﴿وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ (٩)﴾ قال مجاهد: كُوِّرا (٧).

وقرأ ابن زيد عند تفسير هذه الآية ﴿إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (١) وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ (٢)[التكوير].

وروي عن ابن مسعود أنه قرأ "وجمع بين الشمس والقمر" (٨).

وقوله تعالى: ﴿يَقُولُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ (١٠)﴾ أي: إذا عاين ابن آدم هذه الأهوال يوم القيامة حينئذٍ يريد أن يفرَّ، ويقول أين المفر؟ أي: هل من ملجأ أو موئل؟

قال الله تعالى: ﴿كَلَّا لَا وَزَرَ (١١) إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ (١٢)﴾ قال ابن مسعود، وابن عباس وسعيد بن جبير وغير واحد من السلف: أي: لا نجاة (٩)، وهذه الآية كقوله تعالى: ﴿مَا لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُمْ مِنْ


(١) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق العوفي به، ويتقوى بسابقه إذ فيه متابعات.
(٢) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.
(٣) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق قتادة عن الحسن.
(٤) أخرجه الطبري بسند ثابت من طريق ابن أبي طلحة عن ابن عباس.
(٥) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن وهب عن ابن زيد.
(٦) وهي قراءة متواترة.
(٧) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.
(٨) ذكره الطبري تعليقًا، وهي قراءة شاذة تفسيرية.
(٩) أخرجه البخاري تعليقًا عن ابن عباس بلفظ: "لا حصن". وقد ذكر الحافظ ابن حجر ما أخرجه الطبري بسند ثابت من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس بلفظ: "لا حرز"، وذكر أيضًا ما أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق عطية العوفي عن ابن عباس بلفظ: "لا حصن ولا ملجأ". (تغليق التعليق ٤/ ٣٥٤، =