للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الشعبي والحسن البصري وقتادة ومجاهد والضحاك وغير واحد: إن هذه الآية نزلت في ذلك (١).

وقد روى ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس ﴿لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (١٦)﴾ قال: كان لا يفتر من القراءة مخافة أن ينساه فقال اللَّه تعالى: ﴿لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (١٦) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ﴾ أن نجمعه لك ﴿وَقُرْآنَهُ﴾ نقرئك فلا تنسى (٢)، [وقال ابن عَبَّاسٍ وعطية العوفي: ﴿ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ (١٩)﴾ تبيين حلاله وحرامه وكذا قال قتادة] (٣) (٤) وقوله ﴿كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ (٢٠) وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ (٢١)﴾ أي: إنما يحملهم على التكذيب بيوم القيامة ومخالفة ما أنزله الله ﷿ على رسوله من الوحي الحق والقرآن العظيم، أنهم إنما همتهم إلى الدار الدنيا العاجلة وهم لاهون متشاغلون عن الآخرة.

ثم قال تعالى: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (٢٢)﴾ من النضارة؛ أي: حسنة بهية مشرقة مسرورة ﴿إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (٢٣)﴾ أي: تراه عيانًا كما رواه البخاري رحمه اللَّه تعالى في صحيحه: "إنكم سترون ربكم عيانًا" (٥). وقد ثبتت رؤية المؤمنين لله ﷿ في الدار الآخرة في الأحاديث الصحاح من طرق متواترة عند أئمة الحديث لا يمكن دفعها ولا منعها، لحديث أبي سعيد وأبي هريرة وهما في الصحيحين أن ناسًا قالوا: يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة؟ فقال: "هل تضارون في رؤية الشمس والقمر ليس دونهما سحاب؟ " قالوا: لا، قال: "فإنكم ترون ربكم كذلك" (٦).

وفي الصحيحين عن جرير قال: نظر رسول اللَّه إلى القمر ليلة البدر فقال: "إنكم ترون ربكم كما ترون هذا القمر! فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس ولا قبل غروبها فافعلوا" (٧).

وفي الصحيحين عن أبي موسى قال: قال رسول الله : "جنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما، وجنتان من فضة آنيتهما وما فيهما، وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى الله ﷿ إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن" (٨).

وفي أفراد مسلم، عن صهيب، عن النَّبِيّ قال: "إذا دخل أهل الجنة الجنة، قال: يقول اللَّه تعالى: تريدون شيئًا أزيدكم؟ فيقولون: ألم تبيض وجوهنا؟ ألم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار؟ قال: فيكشف الحجاب، فما أعطوا شيئًا أحب إليهم من النظر إلى ربهم وهي الزيادة". ثم تلا


(١) أخرجه الطبري بسند رجاله ثقات عن الشعبي لكنه مرسل؛ وأخرجه الطبري بسند رجاله ثقات عن مجاهد لكنه مرسل؛ وأخرجه الطبري بسند رجاله ثقات عن الحسن لكنه مرسل؛ وأخرجه الطبري بسند رجاله ثقات عن قتادة لكنه مرسل؛ وهذه المراسيل يقوي بعضها بعضا، وتتقوى برواية الصحيحين السابقة.
(٢) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق العوفي به، وتتقوى بما سبق.
(٣) زيادة من (ح) و (حم).
(٤) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق العوفي عن ابن عباس، ومعناه صحيح ويتقوى برواية الطبري التي أخرجها بسند صحيح من طريق ابن أبي عروبة عن قتادة.
(٥) تقدم تخريجه في تفسير سورة طه آية ١٣٠.
(٦) أخرجه البخاري (الصحيح، التوحيد، باب قول الله تعالى: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (٢٢) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (٢٣)﴾ [القيامة] (ح ٧٤٣٧)؛ وصحيح مسلم، الإيمان، باب معرفة طريق الرؤية (ح ١٨٢).
(٧) تقدم تخريجه في تفسير سورة طه آية ١٣٠.
(٨) تقدم تخريجه في تفسير سورة التوبة آية ٧٢.