للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى (٣١) وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (٣٢)

﴿ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى (٣٣)﴾ أي: جذلًا أشرًا بطرًا كسلان لا هِمَّة له ولا عمل، كما قال تعالى: ﴿وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ (٣١)[المطففين] وقال تعالى: ﴿إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُورًا (١٣) إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ (١٤)﴾ أي: يرجع ﴿بَلَى إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيرًا (١٥)[الانشقاق].

وقال الضحاك، عن ابن عباس: ﴿ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى (٣٣)﴾ أي: يختال (١).

وقال قتادة وزيد بن أسلم: يتبختر (٢).

قال الله تعالى: ﴿أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى (٣٤) ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى (٣٥)﴾ وهذا تهديد ووعيد أكيد من اللَّه تعالى للكافر به المتبختر في مشيه؛ أي: يحق لك أن تمشي هكذا، وقد كفرت بخالقك وبارئك كما يقال في مثل هذا على سبيل التهكم والتهديد، كقوله: ﴿ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ (٤٩)[الدخان] وكقوله: ﴿كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلًا إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ (٤٦)[المرسلات]، وكقوله: ﴿فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ﴾ [الزمر: ١٥] وكقوله: ﴿اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ﴾ [فصلت: ٤٠] إلى غير ذلك.

وقد قال ابن أبي حاتم: حَدَّثَنَا أحمد بن سنان الواسطي، حَدَّثَنَا عبد الرحمن؛ يعني: ابن مهدي، عن إسرائيل، عن موسى بن أبي عائشة قال: سألت سعيد بن جبير قلت: ﴿أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى (٣٤) ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى (٣٥)﴾ قال: قاله النَّبِيّ لأبي جهل، ثم نزل به القرآن (٣).

وقال أبو عبد الرحمن النسائي: حَدَّثَنَا يعقوب بن إبراهيم، حَدَّثَنَا أبو النعمان، حَدَّثَنَا أبو عوانة (ح) وحدثنا أبو داود، حَدَّثَنَا محمد بن سليمان، حَدَّثَنَا أبو عوانة، عن موسى بن أبي عائشة، عن سعيد بن جبير قال: قلت لابن عباس: ﴿أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى (٣٤) ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى (٣٥)﴾؟ قال: قاله رسول الله لأبي جهل ثم أنزله الله ﷿ (٤).

قال ابن أبي حاتم: وحدثنا أبي، حَدَّثَنَا هشام بن خالد، حَدَّثَنَا شعيب، عن إسحاق، حَدَّثَنَا سعيد، عن قتادة قوله: ﴿أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى (٣٤) ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى (٣٥)﴾ وعيد على أثر وعيد كما تسمعون، وزعموا أن عدو الله أبا جهل أخذ نبي اللَّه بمجامع ثيابه ثم قال: " ﴿أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى (٣٤) ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى (٣٥)﴾ " فقال عدو اللَّه أبو جهل: أتوعدني يا محمد؟ والله لا تستطيع أنت ولا ربك شيئًا وإني لأعزّ من مشى بين جبليها (٥).

وقوله تعالى: ﴿أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى (٣٦)﴾ قال السدي: يعني: لا يبعث (٦).


(١) سنده ضعيف لأن الضحاك لم يسمع من ابن عباس ويتقوى بالآثار التالية.
(٢) أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن معمر عن قتادة، وأخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن وهب عن ابن زيد.
(٣) سنده ضعيف لأنَّهُ مرسل لكنه يتقوى بالموصول عن ابن عباس كما يلي.
(٤) أخرجه النسائي بسنده ومتنه (السنن الكبرى، التفسير، ح ١١٦٣٨) وأخرجه الحاكم من طريق أبي عوانة به. وصححه ووافقه الذهبي. (المستدرك ٢/ ٥١٠).
(٥) سنده ضعيف لإرسال قتادة.
(٦) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن السدي بلفظ: "الذي لا يُفترض عليه عمل، ولا يعمل". وعبد الرحمن ضعيف.