للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القول غريب ها هنا، والقول الأول أظهر في تفسير هذه الآية.

وقد ورد حديث يقويه (١)، وهو ما قاله ابن جرير: حدثني نجيح بن إبراهيم، حدثنا علي بن حكيم، حدثنا حميد بن عبد الرحمن، [عن أبيه، عن عمرو بن قيس الملائي، عن رجل من بني أمية من أهل الشام أحسن عليه الثناء] (٢)؛ قال قيل: يا رسول الله؛ ما العدل؟ قال: "العدل: الفدية".

وقوله تعالى: ﴿وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ﴾ أي: ولا أحد يغضب لهم فينصرهم وينقذهم من عذاب الله، كما تقدم من أنه لا يعطف عليهم ذو قرابة ولا ذو جاه، ولا يقبل منهم فداء؛ هذا كله من جانب التلطف، ولا لهم ناصر من أنفسهم، ولا من غيرهم، كما قال: ﴿فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ (١٠)[الطارق] أي: إنه تعالى لا يقبل فيمن كفر به فديةً ولا شفاعةً، ولا ينقط أحدًا من عذابه منقذ، (ولا يخلص (٣) منه أحد)، (ولا يجيره) (٤) منه أحد؛ كما قال (تعالى) (٥): ﴿وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ﴾ [المؤمنون: ٨٨]. وقال: ﴿فَيَوْمَئِذٍ لَا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ (٢٥) وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ (٢٦)[الفجر] وقال: ﴿مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ (٢٥) بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ (٢٦)[الصافات] وقال: ﴿فَلَوْلَا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْبَانًا آلِهَةً بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ وَذَلِكَ إِفْكُهُمْ وَمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (٢٨) … ﴾ [الأحقاف: ٢٨].

وقال الضحاك (٦)، عن ابن عباس، في قوله تعالى: ﴿مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ (٢٥)﴾ ما لكم اليوم لا تمانعون منا، هيهات! ليس ذلك لكم اليوم.

قال ابن جرير (٧): وتأويل قوله: ﴿وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ﴾ يعني: أنهم يومئذ لا ينصرهم ناصر كما لا يشفع لهم شافع، ولا يقبل منهم عدل ولا فدية؛ بطلت هنالك المحاباة، واضمحلت الرشا والشفاعات، وارتفع من القوم (التعاون والتناصر) (٨)، وصار الحكم إلى (العدل الجبار) (٩) الذي لا ينفع لديه الشفعاء والنصراء؛ فيجزى بالسيئة مثلها وبالحسنة أضعافها. وذلك نظير قوله تعالى: ﴿وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ (٢٤) مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ (٢٥) بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ (٢٦)[الصافات].

﴿وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (٤٩) وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (٥٠)﴾.

[آل الرجل من ينتسب إليه بنسب أو سبب؛ وقيل: هم أتباعه وأشياعه؛ وقيل: من هو على] (١٠)


(١) كذا قال المصنف والحديث الذي أشار إليه أخرجه ابن جرير (٨٨٦) وسنده ضعيف جدًّا لجهالة شيخ عمرو بن قيس، ثم لإعضاله فإن بين عمرو بن قيس والنبي اثنان على الأقل.
(٢) ساقط من (ج).
(٣) من (ن).
(٤) في (ن): "ولا يجير".
(٥) من (ز) و (ن).
(٦) أخرجه ابن جرير (٨٨٧) بسند ضعيف.
(٧) في "تفسيره" (٢/ ٣٥، ٣٦).
(٨) في (ن): "التناصر والتعاون".
(٩) في (ن): "الجبار العدل" وفي (ض): "عدل الجبار".
(١٠) ساقط من (ل)، وهو في حاشية (ج) و (ع).