للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال ابن عَبَّاسٍ: فاشيًا.

وقال قتادة: استطار واللّه شر ذلك اليوم حتَّى ملأ السماوات والأرض (١).

قال ابن جرير: ومنه قولهم: استطار الصدع في الزجاجة واستطال، ومنه قول الأعشى:

فبانت وقد أسأرت في الفؤاد … صدعًا على نأيها مستطيرا (٢)

يعني: ممتدًا فاشيًا.

وقوله: ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ﴾ قيل: على حب اللَّه تعالى وجعلوا الضمير عائدًا إلى الله ﷿ لدلالة السياق عليه، والأظهر أن الضمير عائد على الطعام؛ أي: ويطعمون الطعام في حال محبتهم وشهوتهم له. قاله مجاهد ومقاتل (٣) واختاره ابن جرير، كقوله تعالى ﴿وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ﴾ [البقرة: ١٧٧] وكقوله تعالى: ﴿لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ﴾ [آل عمران: ٩٢].

وروى البيهقي من طريق الأعمش، عن نافع قال: مرض ابن عمر فاشتهى عنبًا أول ما جاء العنب، فأرسلت صفية؛ يعني: امرأته فاشترت عنقودًا بدرهم فاتبع الرسول سائل، فلما دخل به قال: السائل السائل فقال ابن عمر: أعطوه إياه، فأعطوه إياه، فأرسلت بدرهم آخر فاشترت عنقودًا، فاتبع الرسول السائل فلما دخل قال: السائل السائل. فقال ابن عمر: أعطوه إياه، فأعطوه إياه، فأرسلت صفية إلى السائل فقالت: واللّه إن عدت لا تصيب منه خيرًا أبدًا، ثم أرسلت بدرهم آخر فاشترت به (٤).

وفي الصحيح: أفضل الصدقة أن تصدَّق وأنت صحيح شحيح تأمل الغنى وتخشى الفقر (٥)؛ أي: في حال محبتك للمال وحرصك عليه وحاجتك إليه ولهذا قال تعالى: ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (٨)﴾.

أما المسكين واليتيم، فقد تقدم بيانهما وصفتهما وأما الأسير فقال سعيد بن جبير والحسن والضحاك: الأسير من أهل القبلة (٦).

وقال ابن عَبَّاسٍ: كان أسراؤهم يومئذٍ مشركين (٧)، ويشهد لهذا أن رسول الله أمر أصحابه يوم بدر أن يكرموا الأسارى، فكانوا يقدمونهم على أنفسهم عند الغداء.

وقال عكرمة: هم العبيد (٨). واختاره ابن جرير لعموم الآية للمسلم والمشرك وهكذا قال سعيد بن جبير وعطاء والحسن وقتادة.


(١) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة.
(٢) ذكره الطبري بلفظه وأطول.
(٣) أخرجه هناد وبسند صحيح من طريق ليث عن مجاهد (الزهد رقم ٦٣٣) وليث هو ابن أبي سليم فيه مقال ولكنه توبع فقد أخرجه الطبري من طريق منصور عن مجاهد، فيكون سنده حسنًا لغيره.
(٤) أخرجه البيهقي من طريق الأعمش به (السنن الكبرى ٤/ ١٨٥) وسنده صحيح.
(٥) تقدم تخريجه في تفسير سورة البقرة آية ١٧٧.
(٦) أخرجه ابن أبي شيبة بسند حسن من طريق عمرو بن مرة عن سعيد بن جبير. (المصنف ٣/ ٦٨) ولكن ما ورد عن الحسن أنه من أهل الشرك فقد أخرجه ابن أبي شيبة بسند حسن من طريق عثمان البتي عن الحسن. (المصنف ٣/ ٦٨) ونحوه في تفسير الطبري.
(٧) أخرجه عبد الرزاق بسند ضعيف جدًا من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس.
(٨) عزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.