للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقد وصى رسول الله بالإحسان إلى الأرقاء في غير ما حديث حتَّى أنه كان آخر ما أوصى أن جعل يقول الصلاة وما ملكت أيمانكم (١).

قال مجاهد: هو المحبوس (٢)؛ أي: يطعمون الطعام لهؤلاء وهم يشتهونه ويحبونه قائلين بلسان الحال ﴿إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ﴾ أي: رجاء ثواب اللَّه ورضاه ﴿لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا﴾ أي: لا نطلب منكم مجازاة تكافئوننا بها ولا أن تشكرونا عند الناس.

قال مجاهد وسعيد بن جبير: أما والله ما قالوه بألسنتهم ولكن علم اللَّه به من قلوبهم، فأثنى عليهم به ليرغب في ذلك راغب (٣).

﴿إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا (١٠)﴾ أي: إنما نفعل هذا لعل اللَّه أن يرحمنا ويتلقانا بلطفه في اليوم العبوس القمطرير.

قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس ﴿عَبُوسًا﴾ ضيقًا ﴿قَمْطَريرًا﴾ طويلًا (٤).

وقال عكرمة وغيره عنه في قوله: ﴿يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا﴾ قال: يعبس الكافر يومئذٍ حتَّى يسيل من بين عينيه عرق مثل القطران (٥).

وقال مجاهد: ﴿عَبُوسًا﴾ العابس الشفتين ﴿قَمْطَرِيرًا﴾ قال: يقبض الوجه بالبسور (٦).

وقال سعيد بن جبير وقتادة: تعبس فيه الوجوه من الهول ﴿قَمْطَرِيرًا﴾ تقليص الجبين وما بين العينين من الهول (٧).

وقال ابن زيد العبوس: الشر، والقمطرير: الشديد (٨)، وأوضح العبارات وأجلاها وأحلاها وأعلاها وأولاها قول ابن عباس .

قال ابن جرير: والقمطرير هو: الشديد يقال: هو يوم قمطرير، ويوم قماطر، ويوم عصيب وعصبصب وقد اقمطر اليوم يقمطر اقمطرارًا، وذلك أشد الأيام وأطولها في البلاء والشدة ومنه قول بعضهم:

بني عمنا هل تذكرون بلاءنا … عليكم إذا ما كان يوم قُماطر (٩)

قال اللَّه تعالى: ﴿فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا (١١)﴾ وهذا من باب التجانس البليغ


(١) أخرجه الإمام أحمد من حديث علي ، وحسن سنده محققوه. (المسند ٢/ ٢٤ ح ٥٨٥).
(٢) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.
(٣) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سالم، وهو الأفطس، عن مجاهد، وأخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سالم، وهو الأفطس، عن سعيد بن جبير.
(٤) أخرجه الطبري بسند ثابت من طريق علي به.
(٥) أخرجه الطبري من طريق مصعب بن سلام التميمي عن سعد عن عكرمة عن ابن عباس، ومصعب له أوهام وهو يروي أبي سعد البقال وكان كثير الغلط (تهذيب التهذيب ١٠/ ١٦١) وأخشى أنه وهم باسم شيخه فإن كان أبا سعد البقال فالسند ضعيف.
(٦) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.
(٧) أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن معمر عن قتادة.
(٨) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن وهب عن ابن زيد.
(٩) ذكره الطبري بلفظه.