للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ينجو مني جبار عنيد ولا شيطان مريد. فقال عبد اللَّه بن عمرو: فإنا نحدث يومئذٍ أنها تخرج عنق من النار فتنطلق حتَّى إذا كانت بين ظهراني الناس نادت: أيها الناس إني بعثت إلى ثلاثة أنا أعرَفُ بهم من الأب بولده، ومن الأخ بأخيه، لا يغيبهم عني وزر، ولا تخفيهم عني خافية الذي جعل مع الله إلهًا آخر، وكل جبار عنيد، وكل شيطان مريد، فتنطوي عليهم فتقذف بهم في النار قبل الحساب بأربعين سنة (١).

﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ (٤١) وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ (٤٢) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٤٣) إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (٤٤) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٤٥) كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلًا إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ (٤٦) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٤٧) وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ (٤٨) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٤٩) فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (٥٠)﴾.

يقول تعالى مخبرًا عن عباده المتقين الذين عبدوه بأداء الواجبات وترك المحرمات: إنهم يوم القيامة يكونون في جنان وعيون؛ أي: بخلاف ما أولئك الأشقياء فيه من ظل اليحموم، وهو الدخان الأسود المنتن.

وقوله تعالى: ﴿وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ﴾ أي: ومن سائر أنواع الثمار مهما طلبوا وجدوا

﴿كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٤٣)﴾ أي: يقال لهم ذلك على سبيل الإحسان إليهم ثم قال تعالى مخبرًا خبرًا مستأنفًا: ﴿إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (٤٤)﴾ أي: هذا جزاؤنا لمن أحسن العمل ﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٤٥)

وقوله تعالى: ﴿كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلًا إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ (٤٦)﴾ خطاب للمكذبين بيوم الدين وأمرهم أمر تهديد ووعيد فقال تعالى: ﴿كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلًا﴾ أي: مدة قليلة قريبة قصيرة ﴿إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ﴾ أي: ثم تساقون إلى نار جهنم التي تقدم ذكرها ﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٤٧)﴾ كما قال تعالى: ﴿نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ (٢٤)[لقمان] وقال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ (٦٩) مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ (٧٠)[يونس].

وقوله: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ (٤٨)﴾ أي: إذا أمر هؤلاء الجهلة من الكفار أن يكونوا من المصلين مع الجماعة امتنعوا من ذلك واستكبروا عنه ولهذا قال تعالى: ﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٤٩)﴾ ثم قال تعالى: ﴿فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (٥٠)﴾ أي: إذا لم يؤمنوا بهذا القرآن فبأي كلام يؤمنون به كقوله تعالى: ﴿فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ﴾ [الجاثية: ٦].

قال ابن أبي حاتم: ثنا ابن أبي عمر، ثنا سفيان، عن إسماعيل بن أُمية سمعت رجلًا أعرابيًا بدويًا يقول سمعت أبا هريرة يرويه إذا قرأ والمرسلات عرفًا فقرأ: ﴿فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (٥٠)﴾ فليقل آمنت بالله وبما أنزل. وقد تقدم هذا الحديث في سورة القيامة (٢).

آخر سورة المرسلات، [ولله الحمد والمنَّة] (٣).


(١) أخرجه ابن أبي شيبة عن محمد بن فضيل به. (المصنف ٨/ ١٠٠) وفي سنده حسان بن أبي المخارق سكت عنه البخاري (التاريخ الكبير ٣/ ٣٣) وابن أبي حاتم (الجرح والتعديل ٣/ ٢٣٥) وذكره ابن حبان في الثقات (٦/ ٢٢٣). ويتقوى بالشواهد فقد وردت له شواهد في الصحاح والسنن.
(٢) تقدم تخريجه في سورة القيامة آية ٤٠.
(٣) زيادة من (ح).