للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وإنما قال ها هنا: ﴿يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ﴾ ليكون ذلك تفسيرًا للنعمة عليهم في قوله: ﴿يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ﴾ ثم فسره بهذا لقوله ها هنا: ﴿اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ﴾ [البقرة: ٤٠] وأما في سورة إبراهيم فلما قال: ﴿وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ﴾ [إبراهيم: ٥] أي: بأياديه ونعمه عليهم؛ فناسب أن يقول هناك: ﴿يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ﴾ فعطف عليه الذبح، ليدل على تعدد النعم والأيادي على بني إسرائيل] (١).

وفرعون: علم على كل من ملك مصر كافرًا من العماليق وغيرهم، كما أن "قيصر" علم على كل من ملك الروم مع الشام كافرًا (وكذلك) (٢)، "وكسرى" لمن ملك الفرس، "وتُبَّع" لمن ملك اليمن كافرًا، "والنجاشي" لمن ملك الحبشة، ("وبطليموس" لمن ملك الهند) (٣).

ويقال: كان اسم فرعون الذي كان في (زمان) (٤) موسى الوليد بن مصعب بن الريان، وقيل: مصعب بن الريان، وأيًا ما كان، فعليه لعنة الله [وكان من سلالة عمليق بن لاوذ بن أرم بن سام بن نوح، وكنيته: أبو مرة وأصله فارسي من "اصطخر" (٥).

وقوله تعالى: ﴿وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ﴾ قال ابن جرير (٦): وفي الذي فعلنا بكم من إنجائنا إياكم مما كنتم فيه من عذاب آل فرعون، بلاء لكم من ربكم عظيم؛ أي: نعمة عظيمة عليكم في ذلك.

وقال علي بن أبي طلحة (٧)، عن ابن عباس: قوله تعالى: ﴿بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ﴾ قال: نعمة. وقال مجاهد (٨): ﴿بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ﴾ قال: نعمة من ربكم عظيمة. وكذا قال أبو العالية، وأبو مالك، والسدي (٩)، وغيرهم.

وأصل البلاء: الاختبار. وقد يكون بالخير والشر، كما قال تعالى: ﴿وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً﴾ [الأنبياء: ٣٥] وقال: ﴿وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ [الأعراف: ١٦٨] قال ابن جرير (١٠): وأكثر ما يقال في الشر بلوته أبلوه بلاء، وفي الخير أبليه إبلاءً وبلاءً؛ قال زهير بن أبي سُلمى:

جزى الله بالإحسان ما فعلا بكم … وأبلاهما خير البلاء الذي يبلو

قال: فجمع بين اللغتين؛ (لأنه) (١١) أراد: فأنعم الله عليهما خير النعم التي يختبر بها عباده.

[وقيل: المراد بقوله: ﴿وَفِي ذَلِكُمْ﴾ (أنه) (١٢) إشارة إلى ما كانوا فيه من العذاب المهين، من ذبح الأبناء، واستحياء النساء. قال القرطبي (١٣): وهذا قول الجمهور، ولفظه - بعد ما حكى] (١٤)


(١) ساقط من (ز) و (ض).
(٢) ساقط من (ن).
(٣) ساقط من (ز) و (ض).
(٤) في (ز) و (ن): "زمن".
(٥) ساقط من (ز) و (ض)، ووقع تقديم وتأخير في هذه الفقرة في (ن).
(٦) في "تفسيره" (٢/ ٤٨).
(٧) أخرجه ابن جرير (٨٩٩)؛ وابن أبي حاتم (٥١١). [وسنده ثابت].
(٨) أخرجه ابن جرير (٩٠١، ٩٠٢). [وسنده صحيح].
(٩) أخرجه ابن جرير (٩٠٠). [وسنده حسن].
(١٠) في "تفسيره" (٢/ ٤٩). والبيت في ديوان زهير (١٠٩).
(١١) في (ج): "لا أراد"!
(١٢) ساقط من (ى).
(١٣) في "تفسيره" (١/ ٣٧٨).
(١٤) ساقط من (ز) و (ض) و (هـ).