للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[القول الأول، ثم قال: وقال الجمهور: الإشارة إلى الذبح ونحوه، والبلاء (ها هنا) (١) في الشر. والمعنى: وفي الذبح مكروه وامتحان] (٢).

وقوله تعالى: ﴿وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (٥٠)﴾ معناه: وبعد أن أنقذناكم من آل فرعون، وخرجتم مع موسى ، خرج فرعون في طلبكم، ففرقنا بكم البحر؛ كما أخبر تعالى عن ذلك مفصلًا، كما سيأتي في مواضعه. ومن أبسطها ما في "سورة الشعراء" إن شاء الله.

﴿فَأَنْجَيْنَاكُمْ﴾ أي: خلصناكم منهم، وحجزنا بينكم وبينهم، وأغرقناهم وأنتم تنظرون؛ ليكون ذلك أشفى لصدوركم، وأبلغ في إهانة عدوكم.

قال عبد الرزاق (٣): أنبأنا معمر، عن أبي إسحاق الهمداني، عن عمرو بن ميمون الأودي، في قوله تعالى: ﴿وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ﴾ إلى قوله: ﴿وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ﴾ قال: لما خرج موسى ببني إسرائيل بلغ ذلك فرعون؛ فقال: لا تتبعوهم حتى تصيح الديكة. قال: فوالله ما صاح ليلتئذ ديك، حتى أصبحوا؛ فدعا بشاة، فذبحت؛ ثم قال: لا أفرغ من كبدها حتى يجتمع إلي ستمائة ألف من القبط؛ فلم يفرغ من كبدها حتى اجتمع إليه ستمائة ألف من القبط. فلما أتى موسى البحر قال له رجل من أصحابه يقال له يوشع بن نون: أين (أمرك) (٤) ربك؟ قال: أمامك، يشير إلى البحر، فأقحم يوشع فرسه في البحر حتى بلغ الغمر؛ فذهب به الغمر؛ ثم رجع فقال: أين (أمرك) (١) ربك يا موسى؟ فوالله ما كذبت (ولا) (٥) كُذبت - فعل ذلك ثلاث مرات.

ثم أوحى الله إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر، فضربه، فانفلق، فكان كل فرق كالطود العظيم - يقول: مثل الجبل، ثم سار موسى ومن معه، واتبعهم فرعون في طريقهم حتى إذا تتاموا فيه أطبقه الله عليهم؛ فلذلك قال: ﴿وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ﴾.

وكذلك قال غير واحد من السلف كما سيأتي بيانه في موضعه.

وقد ورد أن هذا اليوم كان يوم عاشوراء، كما قال الإمام أحمد (٦): حدثنا عفان، حدثنا عبد الوارث، حدثنا أيوب، عن عبد الله بن سعيد بن جبير، عن أبيه، عن ابن عباس؛ قال: قدم رسول الله المدينة، فرأى اليهود يصومون يوم عاشوراء؛ فقال: "ما هذا اليوم الذي تصومون؟ " قالوا: هذا يوم صالح، هذا يوم نجَّى الله ﷿ فيه بني إسرائيل (من عدوهم) (٧)، فصامه موسى ؛ فقال رسول الله : "إنا أحق بموسى منكم". فصامه رسول الله وأمر بصومه.


(١) في (ك): "هنا" وهو الموافق لما في "تفسير القرطبي"؛ وفي (ج) و (ل): "هناك".
(٢) ساقط من (ز) و (ض) و (هـ).
(٣) في "تفسيره" (١/ ٤٥، ٤٦) ومن طريقه ابن جرير (٩٠٨)؛ وابن أبي حاتم (٥١٢)؛ وأبو إسحاق السبيعي مدلس. [سنده صحيح لكنه من الإسرائيليات].
(٤) في (ز) و (ن): "أمر".
(٥) كذا في (ل) و (ن) و (هـ) و (ى)؛ وفي (ز) و (ض): "وما"، وسقط هذا الحرف من (ج).
(٦) وأخرجه هو أيضًا (١/ ٣١٠، ٣٣٦)؛ والبخاري (٤/ ٢٤٤؛ و ٦/ ٤٢٩)؛ ومسلم (١١٣٠/ ١٢٨).
(٧) كذا في (ز) و (ن) و (هـ)؛ وفي (ج) و (ض) و (ى): "من غرقهم". وقال في حاشية (ج): العله: عدوهم"؛ وفي (ك): "من الغرق".