للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وروى هذا الحديث البخاري، ومسلم، والنسائي، وابن ماجه، من طرق عن أيوب السختياني، به، نحو ما تقدم.

وقال أبو يعلى (١) الموصلي: حدثنا أبو الربيع، حدثنا سلَّام - يعني: ابن سليم، عن زيد العمي، عن يزيد الرقاشي، عن أنس، عن النبي ؛ قال: "فلق الله البحر لبني إسرائيل يوم عاشوراء".

وهذا ضعيف من هذا الوجه؛ فإن زيدًا العمي فيه ضعف، وشيخه يزيد الرقاشي أضعف منه.

﴿وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ (٥١) ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٥٢) وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (٥٣)﴾.

يقول تعالى: واذكروا نعمتي عليكم في عفوي عنكم لما عبدتم العجل بعد ذهاب موسى لميقات ربه عند انقضاء أمد المواعدة، وكانت أربعين يومًا، وهي المذكورة في "الأعراف" في قوله تعالى: ﴿وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ﴾ [الأعراف: ١٤٢] قيل إنها ذو القعدة بكماله وعشر من ذي الحجة؛ وكان ذلك بعد خلاصهم من فرعون، وإنجائهم من البحر.

وقوله (تعالى) (٢): ﴿وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ﴾ يعني التوراة؛ ﴿وَالْفُرْقَانَ﴾ وهو ما يفرق بين الحق والباطل، والهدى (والضلال) (٣) ﴿لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾ وكان ذلك أيضًا بعد خروجهم من البحر، كما دل عليه سياق الكلام في "سورة الأعراف"؛ ولقوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَى بَصَائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٤٣)[القصص].

[وقيل: الواو زائدة، والمعنى: وإذ آتينا موسى الكتاب الفرقان. وهذا غريب.

وقيل: عطفه عليه، وإن كان المعنى واحدًا؛ كما في قول الشاعر (٤):

وقدمت الأديم (لراهشيه) (٥) … فألفى قولها كذبًا ومينًا] (٦)

[وقال الآخر (٧):

ألا حبذا هند وأرض بها هند … وهند أتى من دونها النأي والبعد

فالكذب هو المين. والنأي هو البعد.

وقال عنترة (٨):

حييت من طلل تقادم عهده … أقوى وأقفر بعد أم الهيثم

فعطف الإقفار على الإقواء، وهو هو] (٩).


(١) في "مسنده" (ج ٧/ رقم ٤٠٩٤) وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (١/ ٦٩) لابن مردويه.
وسنده ضعيف جدًّا. ويزيد الرقاشي متروك، وزيد العمي ضعيف.
(٢) من (ن) و (ى).
(٣) في (ض) و (ن): "الضلالة".
(٤) نسبه في "لسان العرب" مادة: "مين" إلى عدي بن زيد.
(٥) في (ن): "لراقشيه"! والراهشان: عرقان في باطن الذراعين، أو "الرواهش" عروق ظاهر الكف كما في "القاموس"، والأديم: الجلد.
(٦) ساقط من (ز) و (ض).
(٧) هو الحطيئة. والبيت في "ديوانه" (٣٩).
(٨) هو في "ديوانه" (١٢٢).
(٩) ساقط من (ز) و (ض).