للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (٥٤)﴾.

هذه صفة توبته تعالى على بني إسرائيل من عبادة العجل؛ قال الحسن البصري في قوله تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ﴾ فقال ذلك حين وقع في قلوبهم من شأن عبادتهم العجل ما وقع، (حين) (١) قال الله تعالى: ﴿وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا قَالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا (لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (٢)[الأعراف: ١٤٩] قال: فذلك حين يقول موسى: ﴿يَاقَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ﴾.

وقال أبو العالية (٣)، وسعيد بن جبير، والربيع بن أنس: ﴿فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ﴾ أي: إلى خالقكم.

قلت: وفي قوله ها هنا: ﴿إِلَى بَارِئِكُمْ﴾ - تنبيه على عظم جرمهم؛ أي: فتوبوا إلى الذي خلقكم وقد عبدتم معه غيره.

وقد روى النسائي (٤)، وابن جرير، وابن أبي حاتم، من حديث يزيد بن هارون، عن الأصبغ بن زيد الوراق، عن القاسم بن أبي أيوب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس؛ قال: فقال الله تعالى: إن توبتهم أن يقتل كل (رجل) (٥) منهم (كل) (٦) من لقي من ولد (أو) (٧) والد فيقتله بالسيف، ولا يبالي من قتل في ذلك الموطن؛ فتاب أولئك الذين كانوا خفي على موسى وهارون ما اطلع الله من ذنوبهم، فاعترفوا بها، وفعلوا ما أمروا به، فغفر الله للقاتل والمقتول.

وهذا قطعة من حديث الفتون. وسيأتي في سورة طه بكماله إن شاء الله.

وقال ابن جرير (٨): حدثني عبد الكريم بن الهيثم، حدثنا إبراهيم بن بشار، حدثنا سفيان بن عيينة؛ قال: قال أبو سعيد، عن عكرمة، عن ابن عباس؛ قال: قال موسى لقومه: ﴿فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾؛ قال: أمر موسى


(١) في (ن): "حتى".
(٢) من (هـ)، وسقط من (ج)؛ و (ك) و (ل) و (ى)؛ وفي (ز) و (ض): "الآية" إشارة إلى تتمتها.
(٣) أخرجه ابن جرير (٩٤٦)؛ وابن أبي حاتم (٥٣٠). [وسنده جيد].
(٤) في "تفسيره" (٣٤٦).
وأخرجه أبو يعلى (ج ٥/ رقم ٢٦١٨)؛ وابن جرير (١٦/ ١٢٥)؛ وابن أبي حاتم (٥٣١)، وبحشل في "تاريخ واسط" (ص ٨٦)؛ والطحاوي في "المشكل" (٦٦). وسيأتي الكلام عليه في تفسير سورة (طه) إن شاء الله تعالى.
(٥) في (ن): "واحد".
(٦) كذا في (ج) و (ض) و (ك) و (ل) و (ى)؛ وفي (هـ): (ما) وسقطت هذه اللفظة من "ن".
(٧) كذا في (ج) و (ك) و (ى). ووقع في (ز) و (ض) و (ن) و (هـ): "و"؛ وفي (ن): "والد وولد".
(٨) في "تفسيره" (٩٣٦) وسنده صحيح. [والخبر من الإسرائيليات].