للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال السدي: ﴿لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا (٢٣)﴾ سبعمائة حقب، كل حقب سبعون سنة، كل سنة ثلاثمائة وستون يومًا، كل يوم كألف سنة مما تعدون.

وقد قال مقاتل بن حيان: إن هذه الآية منسوخة بقوله تعالى: ﴿فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَابًا (٣٠)(١).

وقال خالد بن معدان: هذه الآية وقوله تعالى: ﴿إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ﴾ [هود: ١٠٧] في أهل التوحيد (٢). رواهما ابن جرير ثم قال: ويحتمل أن يكون قوله تعالى: ﴿لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا (٢٣)﴾ متعلقًا بقوله تعالى: ﴿لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا (٢٤)(٣) ثم يحدث الله لهم بعد ذلك عذابًا من شكل آخر ونوع آخر، ثم قال: والصحيح أنها لا انقضاء لها كما قال قتادة والربيع بن أنس.

وقد قال قبل ذلك: حدثني محمد بن عبد الرحيم البرقي، حَدَّثَنَا عمرو بن أبي سلمة، عن زهير، عن سالم، سمعت الحسن يسأل عن قوله تعالى: ﴿لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا (٢٣)﴾ قال: أما الأحقاب فليس لها عدة إلا الخلود في النار، ولكن ذكروا أن الحقب: سبعون سنة، كل يوم منها كألف سنة مما تعدون (٤).

وقال سعيد، عن قتادة قال الله تعالى: ﴿لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا (٢٣)﴾ وهو ما لا انقطاع له، وكلما مضى حقب جاء حقب بعده، وذُكرَ لنا أن الحقب: ثمانون سنة (٥).

وقال الربيع بن أنس: ﴿لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا (٢٣)﴾ لا يعلم عدة هذه الأحقاب إلا الله ﷿، وذُكر لنا أن الحقب الواحد: ثمانون سنة والسنة ثلاثمائة وستون يومًا، كل يوم كألف سنة مما تعدون (٦). رواهما أيضًا ابن جرير.

وقوله تعالى: ﴿لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا (٢٤)﴾ أي: لا يجدون في جهنم بردًا لقلوبهم ولا شرابًا طيبًا يتغذون به ولهذا قال تعالى: ﴿إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا (٢٥)﴾.

قال أبو العالية: استثنى من البرد الحميم ومن الشراب الغساق (٧)، وكذا قال الربيع بن أنس، فأما الحميم: فهو الحار الذي قد انتهى حره وحموه، والغساق: هو ما اجتمع من صديد أهل النار وعرقهم ودموعهم وجروحهم، فهو بارد لا يستطاع من برده، ولا يواجه من نتنه.

وقد قدمنا الكلام على الغساق في سورة ص (٨) بما أغنى عن إعادته أجارنا اللَّه من ذلك بمنِّه وكرمه.


(١) أخرجه الطبري من طريق أبي معاذ الخراساني به، وسنده ضعيف لأنَّهُ معضل.
(٢) أخرجه الطبري بسند جيد من طريق عامر بن جشيب عن خالد.
(٣) ذكره الطبري بنحوه ولم يذكر ما بعد الآية مما نسبه الحافظ ابن كثير إليه ولعله لديه نسخة غير التي بين أيدينا.
(٤) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، ولم يصرح الحسن البصري باسم شيخه.
(٥) أخرجه الطبري من طريق سعيد به، ولم يصرح قتادة باسم شيخه.
(٦) أخرجه الطبري من طريق أبي جعفر الرازي عن الربيع، ولم يصرح الربيع باسم شيخه.
(٧) أخرجه هناد من طريق أبي جعفر الرازي عن الربيع عن أبي العالية. (الزهد رقم ٢٩٢) وسنده جيد.
(٨) في الآية رقم ٥٧.