للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والسادس: أنه ملك من الملائكة بقدر جميع المخلوقات.

قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: ﴿يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ﴾ قال: هو ملك عظيم من أعظم الملائكة خلقًا (١).

وقال ابن جرير: حدثني محمد بن خلف العسقلاني، حَدَّثَنَا رواد بن الجراح، عن أبي حمزة، عن الشعبي، عن علقمة، عن ابن مسعود قال: الروح في السماء الرابعة، هو أعظم من السماوات ومن الجبال ومن الملائكة يسبح كل يوم اثني عشر ألف تسبيحة، يخلق اللَّه تعالى من كل تسبيحة ملكا من الملائكة يجيء يوم القيامة صفًا وحده (٢). وهذا قول غريب جدًا.

وقد قال الطبراني: حَدَّثَنَا محمد بن عبد اللَّه بن عرس المصري، حَدَّثَنَا وهب [اللّه بن روق بن هبيرة، حَدَّثَنَا بشر بن بكر] (٣)، حَدَّثَنَا الأوزاعي، حدثني عطاء، عن عبد اللَّه بن عباس سمعت رسول الله يقول: "إن لله ملكًا لو قيل له: التقم السماوات السبع والأرضين بلقمة واحدة، لفعل، تسبيحه: سبحانك حيث كنت" (٤). وهذا حديث غريب جدًا وفي رفعه نظر، وقد يكون موقوفًا على ابن عباس، ويكون مما تلقاه من الإسرائيليات، واللّه أعلم.

وتوقف ابن جرير فلم يقطع بواحد من هذه الأقوال كلها. والأشبه عندي واللّه أعلم: أنهم بنو آدم.

وقوله تعالى: ﴿إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ﴾ كقوله: ﴿يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ﴾ [هود: ١٠٥]، وكما ثبت في الصحيح: "لا يتكلم يومئذ إلا الرسل" (٥).

وقوله تعالى: ﴿وَقَالَ صَوَابًا﴾ أي: حقًّا، ومن الحق "لا إله إلا اللَّه" كما قاله أبو صالح وعكرمة (٦).

وقوله تعالى: ﴿ذَلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ﴾ أي: الكائن لا محالة ﴿فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآبًا﴾ أي: مرجعًا وطريقًا يهتدي إليه ومنهجًا يمرُّ به عليه.

وقوله: ﴿إِنَّا أَنْذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا﴾ يعني: يوم القيامة لتأكد وقوعه صار قريبًا لأن كل ما هو قريبٌ آت.

﴿يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ﴾ أي: يعرض عليه جميع أعماله خيرها وشرها قديمها وحديثها كقوله: ﴿وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا﴾ [الكهف: ٤٩] وكقوله: ﴿يُنَبَّأُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ (١٣)[القيامة].


(١) أخرجه الطبري بسند ثابت من طريق ابن أبي طلحة به.
(٢) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وفي سنده رواد بن الجراح: صدوق اختلط بآخره فترك. (التقريب ص ٢١١).
(٣) كذا في نسخة دار الكتب حسب طبعة البابي الحلبي، وفي الأصل بياض. وفي المعجم الكبير للطبراني بلفظ: "وهب الله بن رزق أبو هريرة" (١١/ ١٩٥ ح ١١٤٧٦).
(٤) أخرجه الطبراني بسنده مع الاختلاف المتقدم وبمتنه. (المصدر السابق) قال الهيثمي: وتفرد به وهب بن رزق. (مجمع الزوائد ١/ ٨٠) وقد استغربه الحافظ ابن كثير.
(٥) تقدم تخريجه في سورة هود آية ١٠٥.
(٦) أخرجه الطبري بسند حسن من طريق إسماعيل -وهو السدي الكبير- عن أبي صالح؛ وأخرجه الطبري والبيهقي (الأسماء والصفات ٢٠٥) كلاهما بسند ضعيف من طريق حفص بن عمر عن الحكم بن أبان عن عكرمة؛ ويتقوى بسابقه وبما أخرجه الطبري بسند ثابت من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس بلفظه.