للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقد قال الإمام أحمد: حَدَّثَنَا وكيع، حَدَّثَنَا سفيان، عن عبد اللَّه بن محمد بن عقيل، عن أبي الطفيل بن أُبي بن كعب، عن أبيه قال: قال رسول الله : "جاءت الراجفة تتبعها الرادفة، جاء الموت بما فيه" فقال رجل: يا رسول الله أرأيت إن جعلت صلاتي كلها عليك؟ قال: إذًا يكفيك الله ما أهمك من دنياك وآخرتك" (١). وقد روى الترمذي وابن جرير وابن أبي حاتم من حديث سفيان الثوري بإسناده مثله، ولفظ الترمذي وابن أبي حاتم: كان رسول الله إذا ذهب ثلثا الليل قام فقال: "يا أيها الناس اذكروا الله جاءت الراجفة تتبعها الرادفة، جاء الموت بما فيه" (٢).

وقوله تعالى: ﴿قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ (٨)﴾ قال ابن عَبَّاسٍ: يعني: خائفة (٣)، وكذا قال مجاهد وقتادة (٤).

﴿أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ (٩)﴾ أي: أبصار أصحابها وإنما أضيف إليها للملابسة أي ذليلة حقيرة مما عاينت من الأهوال.

وقوله تعالى: ﴿يَقُولُونَ أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ (١٠)﴾ يعني: مشركي قريش.

ومن قال بقولهم في إنكار المعاد يستبعدون وقوع البعث بعد المصير إلى الحافرة وهي القبور، قاله مجاهد (٥)، وبعد تمزق أجسادهم وتفتت عظامهم ونخورها ولهذا قالوا: ﴿أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا نَخِرَةً (١١)﴾ وقرئ "ناخرة" (٦).

وقال ابن عَبَّاسٍ ومجاهد وقتادة: أي بالية (٧). قال ابن عَبَّاسٍ: وهو العظم إذا بلي ودخلت الريح فيه.

﴿قَالُوا تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ (١٢)﴾ وعن ابن عباس ومحمد بن كعب وعكرمة وسعيد بن جبير وأبي مالك والسدي وقتادة: ﴿الْحَافِرَةِ﴾ الحياة بعد الموت (٨).

وقال ابن زيد: ﴿الْحَافِرَةِ﴾ النار (٩). وما أكثر أسماءها هي النار والجحيم وسقر وجهنم والهاوية والحافرة ولظى والحطمة.

وأما قولهم: ﴿تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ﴾ فقال محمد بن كعب: قالت قريش: لئن أحيانا اللَّه بعد أن


(١) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٥/ ١٣٦) وسنده حسن، وأخرجه الحاكم من طريق سفيان به وصححه ووافقه الذهبي (المستدرك ٢/ ٥١٣)؛ وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة (٢/ ٦٣٨ ح ٩٥٤).
(٢) سنن الترمذي، صفة القيامة، باب رقم ٢٣ (ح ٢٤٥٧) وقال الترمذي: حسن صحيح.
(٣) أخرجه الطبري بسند ثابت من طريق ابن أبي طلحة عن ابن عباس.
(٤) أخرجه عبد الرزاق عن معمر عن قتادة.
(٥) أخرجه آدم والطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد بلفظ: "انبعث خلقًا جديدًا؟! ".
(٦) وهي قراءة متواترة.
(٧) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق العوفي عن ابن عباس ويتقوى بما أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة.
(٨) أخرجه الطبري بسند ثابت من طريق ابن أبي طلحة عن ابن عباس؛ وأخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي عروبة عن قتادة؛ وأخرجه الطبري بإسنادين ضعيفين عن السدي ومحمد القرظي ويتقويان بما سبق.
(٩) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن وهب عن ابن زيد.