للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

هُم بِاَلسَّاهِرَةِ (١٤)﴾ قال: أرض بيضاء عفراء خالية كالخبزة النقي (١).

وقال الربيع بن أنس: ﴿فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ (١٤)﴾ يقول الله ﷿: ﴿يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ السَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (٤٨)[إبراهيم] ويقول: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا (١٠٥) فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا (١٠٦) لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا (١٠٧)[طه]. وقال: ﴿وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً﴾ [الكهف: ٤٧] وبرزت الأرض التي عليها الجبال، وهي لا تعد من هذه الأرض، وهي أرض لم يعمل عليها خطيئة، ولم يهرق عليها دم.

﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (١٥) إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى (١٦) اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (١٧) فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى (١٨) وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى (١٩) فَأَرَاهُ الْآيَةَ الْكُبْرَى (٢٠) فَكَذَّبَ وَعَصَى (٢١) ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى (٢٢) فَحَشَرَ فَنَادَى (٢٣) فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى (٢٤) فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى (٢٥) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى (٢٦)﴾.

يخبر تعالى رسوله محمدًا عن عبده ورسوله موسى أنه ابتعثه إلى فرعون، وأيده اللَّه بالمعجزات، ومع هذا استمر على كفره وطغيانه حتَّى أخذه اللَّه أخذ عزيز مقتدر، وكذلك عاقبة من خالفك وكذب بما جئت به، ولهذا قال في آخر القصة: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى (٢٦)﴾ فقوله تعالى: ﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (١٥)﴾ أي: هل سمعت بخبره؟

﴿إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ﴾ أي: كلمه نداء ﴿بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ﴾ أي: المطهر ﴿طُوًى﴾ هو: اسم الوادي على الصحيح كما تقدم في سورة طه فقال له: ﴿اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (١٧)﴾ أي: تجبر وتمرد وعتا

﴿فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى (١٨)﴾ أي: قل له: هل لك أن تجيب إلى طريقة ومسلك تزكى به وتسلم وتطيع؟

﴿وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ﴾ أي: أدلك إلى عبادة ربك ﴿فَتَخْشَى﴾ أي: فيصير قلبك خاضعًا له مطيعًا خاشعًا بعد ما كان قاسيًا خبيثًا بعيدًا من الخير.

﴿فَأَرَاهُ الْآيَةَ الْكُبْرَى (٢٠)﴾ يعني: فأظهر له موسى مع هذه الدعوة الحق حجة قوية ودليلًا واضحًا على صدق ما جاءه به من عند اللَّه.

﴿فَكَذَّبَ وَعَصَى (٢١)﴾ أي: فكذب بالحق وخالف ما أمره به من الطاعة، وحاصله أنه كفر قلبه فلم ينفعل لموسى بباطنه ولا بظاهره، وعلمه بأن ما جاء به حق لا يلزم منه أنه مؤمن به لأن المعرفة علم القلب والإيمان عمله وهو الانقياد للحق والخضوع.

وقوله تعالى: ﴿ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى (٢٢)﴾ أي: في مقابلة الحق بالباطل وهو جمعه السحرة ليقابلوا ما جاء به موسى من المعجزات الباهرات

﴿فَحَشَرَ فَنَادَى (٢٣)﴾ أي: في قومه

﴿فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى (٢٤)﴾.

قال ابن عَبَّاسٍ ومجاهد: وهذه الكلمة قالها فرعون بعد قوله: ﴿مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي﴾ [القصص: ٣٨] بأربعين سنة (٢).


(١) سنده ضعيف لضعف مصعب بن ثابت (التقريب ص ٥٣٣) وله شواهد صحيحة يتقوى بها.
(٢) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق عطية العوفي عن ابن عباس، بدون ذكر بأربعين سنة ويتقوى بما أخرجه الطبري بسند حسن من طريق عبد الكريم الجزري عن مجاهد.