للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ (٤)﴾ قال ابن عباس: بحثت (١).

وقال السدي: تبعثر تحرك فيخرج من فيها (٢)

﴿عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ (٥)﴾ أي: إذا كان هذا حصل هذا.

وقوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (٦)﴾؟ هذا تهديد لا كما يتوهمه بعض الناس من أنه إرشاد إلى الجواب؛ حيث قال: "الكريم" حتى يقول قائلهم: غرَّه كرمه، بل المعنى في هذه الآية: ما غرَّك يا ابن آدم بربك الكريم؛ أي: العظيم حتى أقدمت على معصيته وقابلته بما لا يليق. كما جاء في الحديث: "يقول الله تعالى يوم القيامة: يا ابن آدم ما غرك بي؟ يا ابن آدم ماذا أجبت المرسلين؟ ".

قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا ابن أبي عمر، حدثنا سفيان، أن عمر سمع رجلًا يقرأ: ﴿يَاأَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (٦)﴾؟ فقال عمر: الجهل (٣).

وقال أيضًا: حدثنا عمر بن شيبة، حدثنا أبو خلف، حدثنا يحيى البكاء، سمعت ابن عمر يقول وقرأ هذه الآية: ﴿يَاأَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (٦)﴾ قال ابن عمر: غَرَّه -والله- جهله (٤)، قال: وروي عن ابن عباس والربيع بن خثيم والحسن مثل ذلك (٥).

وقال قتادة: ﴿مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ﴾ شيء ما غرَّ ابن آدم غير هذا العدو الشيطان (٦).

وقال الفضيل بن عياض: لو قال لي: ما غرَّك بي؟ لقلت: ستورك المرخاة (٧).

وقال أبو بكر الوراق: لو قال لي: ما غرك بربك الكريم؟ لقلت: غرني كرم الكريم (٨).

قال البغوي: وقال بعض أهل الإشارة: إنما قال: ﴿بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ﴾ دون سائر أسمائه وصفاته كأنه لقنه الإجابة (٩)، وهذا الذي تخيله هذا القائل ليس بطائل؛ لأنه إنما أتى باسمه الكريم لينبه على أنه لا ينبغي أن يقابل الكريم بالأفعال القبيحة وأعمال الفجور، وقد حكى البغوي عن الكلبي ومقاتل أنهما قالا: نزلت هذه الآية في الأسود بن شريق ضرب النبي ولم يعاقب في الحالة [الراهنة] (١٠) فأنزل الله تعالى: ﴿مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ﴾ (١١)؟

وقوله تعالى: ﴿الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (٧)﴾ أي: ما غرك بالرب الكريم ﴿الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (٧)﴾ أي: جعلك سويًا مستقيمًا معتدل القامة منتصبها في أحسن الهيئات والأشكال.


(١) أخرجه الطبري بسند ثابت من طريق ابن أبي طلحة عن ابن عباس.
(٢) عزاه السيوطي إلى ابن المنذر عن السدي بلفظ: "انشقت".
(٣) سنده ضعيف للانقطاع بين سفيان وعمر .
(٤) سنده ضعيف لضعف يحيى البكاء (التقريب ص ٥٩٧).
(٥) أخرجه ابن أبي شيبة بسند ضعيف من طريق رجل مبهم عن الربيع بن خثيم. (المصنف ٨/ ٢١٠).
(٦) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة.
(٧) ذكره البغوي عن الفضيل بن عياض بدون سند. (معالم التنزيل ٤/ ٤٥٥).
(٨) ذكره البغوي عن أبي بكر الوراق بدون سند (معالم التنزيل ٤/ ٤٥٦).
(٩) المصدر السابق.
(١٠) كذا في (ح) و (حم)، وفي الأصل بياض.
(١١) ذكره البغوي (المصدر السابق) وسنده ضعيف لأنه معضل.