للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال الإمام أحمد: حدثنا أبو النضر، حدثنا جرير، حدثني عبد الرحمن بن ميسرة، عن جبير بن نفير، عن بشر بن جحاش القرشي أن رسول الله بصق يومًا في كفه فوضع عليها أصبعه ثم قال: "قال الله ﷿: يا ابن آدم أنّى تعجزني وقد خلقتك من مثل هذا؟ حتى إذا سويتك وعدلتك مشيت بين بردين وللأرض منك وئيد، فجمعت ومنعت حتى إذا بلغت التراقي قلت: أتصدق وأنى أوان الصدقة؟ " وكذا رواه ابن ماجه، عن أبي بكر بن أبى شيبة، عن يزيد بن هارون، عن جرير بن عثمان به (١). قال شيخنا الحافظ أبو الحجاج المزي: وتابعه يحيى بن حمزة، عن ثور بن يزيد، عن عبد الرحمن بن ميسرة (٢).

وقوله تعالى: ﴿فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ (٨)﴾ قال مجاهد: في أي شبه أب أو أُم أو خال أو عم (٣).

وقال ابن جرير: [حدثني محمد بن سنان القزاز، حدثنا مطهر بن الهيثم، حدثنا موسى بن علي بن رباح] (٤)، حدثني أبي، عن جدي، أن النبي قال له: "ما ولد لك؟ " قال: يا رسول الله ما عسى أن يولد لي إما غلام وإما جارية. قال: "فمن يشبه؟ " قال: يا رسول الله من عسى أن يشبه إما أباه وإما أمه. فقال النبي عندها: "مه لا تقولن هكذا إن النطفة إذا استقرت في الرحم أحضرها الله تعالى كل نسب بينها وبين آدم؟ أما قرأت هذه الآية في كتاب الله تعالى: ﴿فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ (٨)﴾ " قال: شكلك (٥).

وهكذا رواه ابن أبي حاتم والطبراني من حديث مطهر بن الهيثم به (٦)، وهذا الحديث لو صحَّ لكان فيصلًا في هذه الآية ولكن إسناده ليس بالثابت؛ لأن مطهر بن الهيثم قال فيه أبو سعيد بن يونس: كان متروك الحديث، وقال ابن حبان: يروي عن موسى بن علي وغيره ما لا يشبه حديث الأثبات.

ولكن في الصحيحين عن أبي هريرة أن رجلًا قال: يا رسول الله إن امرأتي ولدت غلامًا أسود، قال: "هل لك من إبل؟ " قال: نعم، قال: "فما ألوانها" قال: حُمُر، قال: "فهل فيها من أورق" قال: نعم، قال: "فأنى أتاها ذلك" قال: عسى أن يكون نزعه عرق. قال: "وهذا عسى أن يكون نزعه عرق" (٧).

وقد قال عكرمة في قوله تعالى: ﴿فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ (٨)﴾: إن شاء في صورة قرد وإن شاء في صورة خنزير (٨)، وكذا قال أبو صالح: ﴿فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ (٨)﴾ إن شاء في صورة كلب وإن شاء في صورة حمار وإن شاء في صورة خنزير (٩).


(١) تقدم تخريجه في تفسير سورة النحل آية ٤.
(٢) تحفة الأشراف ٢/ ٩٧.
(٣) أخرجه آدم بن أبي إياس والطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.
(٤) زيادة من (ح) و (حم) وتفسير الطبري.
(٥) وسنده ضعيف جدًا لأن مطهر بن الهيثم: متروك كما قرر الحافظ ابن كثير.
(٦) (المعجم الكبير ٥/ ٧٤ ح ٤٦٢٤) وسنده كسابقه.
(٧) صحيح البخاري، الطلاق، باب إذا عرّض بنفي الولد (ح ٥٣٠٥)؛ وصحيح مسلم، اللعان (ح ١٥٠٠).
(٨) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق أبي رجاء عن عكرمة.
(٩) أخرجه الرامهرمزي بسند صحيح من طريق إسماعيل بن أبي خالد عن أبي صالح. (الأمثال ص ٩٤).