للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وعن ابن عمر: يقومون مائة سنة رواهما ابن جرير (١).

وفي سنن أبي داود والنسائي وابن ماجه من حديث زيد بن الحباب، عن معاوية بن صالح، عن أزهر بن سعيد الحواري، عن عاصم بن حميد، عن عائشة أن رسول الله كان يفتتح قيام الليل: يكبر عشرًا ويحمد عشرًا، ويسبح عشرًا ويستغفر عشرًا ويقول: "اللهم اغفر لي واهدني وارزقني وعافني" ويتعوذ من ضيق المقام يوم القيامة (٢).

﴿كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ (٧) وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ (٨) كِتَابٌ مَرْقُومٌ (٩) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (١٠) الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (١١) وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (١٢) إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (١٣) كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (١٤) كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (١٥) ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ (١٦) ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (١٧)﴾.

يقول تعالى: حقًا ﴿إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ﴾ أي: أن مصيرهم ومأواهم لفي سجين فعيل من السجن وهو الضيق، كما يقال: فسيق وشريب وخمير وسكير ونحو ذلك، ولهذا عظم أمره فقال تعالى: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ (٨)﴾؟ أي: هو أمر عظيم وسجن مقيم وعذاب أليم، ثم قد قال قائلون: هي تحت الأرض السابعة، وقد تقدم في حديث البراء بن عازب في حديثه الطويل: يقول الله ﷿ في روح الكافر: اكتبوا كتابه في سجين. وسجين هي تحت الأرض السابعة (٣)، وقيل: صخرة تحت الأرض السابعة خضراء، وقيل: بئر في جهنم.

وقد روى ابن جرير في ذلك حديثًا غريبًا منكرًا لا يصح فقال: حدثنا إسحاق بن وهب الواسطي، حدثنا مسعود بن موسى بن مشكان الواسطي، حدثنا نصر بن خزيمة الواسطي، عن شعيب بن صفوان، عن محمد بن كعب القرظي، عن أبي هريرة، عن النبي قال: "الفلق جبٌّ في جهنم مغطى، وأما سجين فمفتوح" (٤). والصحيح أن سجينًا مأخوذ من السجن وهو الضيق، فإن المخلوقات كل ما تسافل منها ضاق وكل ما تعالى منها اتسع، فإن الأفلاك السبعة كل واحد منها أوسع وأعلى من الذي دونه، وكذلك الأرضون كل واحدة أوسع من التي دونها حتى ينتهي السفول المطلق والمحل الأضيق إلى المركز في وسط الأرض السابعة، ولما كان مصير الفجار إلى جهنم وهي أسفل السافلين كما قال تعالى: ﴿ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (٥) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ [التين] وقال ههنا: ﴿كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ (٧) وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ (٨)﴾ وهو يجمع الضيق والسفول كما قال تعالى: ﴿وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا (١٣)[الفرقان].

وقوله تعالى: ﴿كِتَابٌ مَرْقُومٌ (٩)﴾ ليس تفسيرًا لقوله: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ (٨)﴾ وإنما هو تفسير


(١) أخرجه الطبري بسند ضعيف فيه أبو بكر وهو ابن عياش.
(٢) سنن أبي داود، الحديث السابق نفسه، وسنن النسائي، قيام الليل، باب ذكر ما يستفتح به القيام ٣/ ٢٠٨؛ وسنن ابن ماجه، الإقامة باب ما جاء في الدعاء إذا قام الرجل من الليل (ح ١٣٥٦)؛ وقال الألباني: حسن صحيح (صحيح سنن ابن ماجه ح ١١١٥).
(٣) تقدم تخريجه في تفسير سورة إبراهيم آية ٢٧.
(٤) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وضعفه الحافظ ابن كثير.