للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[قاله ابن مسعود وابن عباس ومسروق وقتادة وغيرهم] (١) (٢).

﴿إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ (٢٩) وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ (٣٠) وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ (٣١) وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاءِ لَضَالُّونَ (٣٢) وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ (٣٣) فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ (٣٤) عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ (٣٥) هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (٣٦)﴾.

يخبر تعالى عن المجرمين أنهم كانوا في الدار الدنيا يضحكون من المؤمنين؛ أي: يستهزئون بهم ويحتقرونهم، وإذا مرُّوا بالمؤمنين يتغامزون عليهم؛ أي: محتقرين لهم

﴿وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ (٣١)﴾ أي: وإذا انقلب؛ أي: رجع هؤلاء المجرمون إلى منازلهم انقلبون إليها فاكهين؛ أي: مهما طلبوا وجدوا، ومع هذا ما شكروا نعمة الله عليهم بل اشتغلوا بالقوم المؤمنين يحتقرونهم ويحسدونهم

﴿وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاءِ لَضَالُّونَ﴾ أي: لكونهم على غير دينهم.

قال الله تعالى: ﴿وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ (٣٣)﴾ أي: وما بعث هؤلاء المجرمون حافظين على هؤلاء المؤمنين ما يصدر منهم من أعمالهم وأقوالهم ولا كلفوا بهم؟ فلم اشتغلوا بهم وجعلوهم نصب أعينهم، كما قال تعالى: ﴿قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ (١٠٨) إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (١٠٩) فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ (١١٠) إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ (١١١)[المؤمنون] ولهذا قال ههنا: ﴿فَالْيَوْمَ﴾ يعني: يوم القيامة ﴿الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ﴾ أي: في مقابلة ما ضحك بهم أولئك

﴿عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ (٣٥)﴾ أي: إلى الله ﷿ في مقابلة من زعم فيهم أنهم ضالون ليسوا بضالين بل هم من أولياء الله المقربين ينظرون إلى ربهم في دار كرامته.

وقوله تعالى: ﴿هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (٣٦)﴾؟ أي: هل جوزي الكفار على ما كانوا يقابلون به المؤمنين من الاستهزاء والتنقيص أم لا؟ يعني: قد جوزوا أوفر الجزاء وأتمه وأكمله.

آخر تفسير سورة المطففين، ولله الحمد والمنّة.


(١) كذا في (ح) و (حم)، وفي الأصل وردت قبل ذكر قوله: "ولهذا قال".
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة والطبري بسند صحيح من طريق مسروق عن ابن مسعود (المصنف ٨/ ٨٧). وأخرجه عبد الرزاق بسند حسن من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس، وقول مسروق تقدم ضمن رواية ابن مسعود كما في سابقه، وقول قتادة أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عنه.