للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

اكتب أثره، اكتب شقيًا أو سعيدًا. ثم يرتفع ذلك الملك ويبعث الله إليه ملكًا آخر فيحفظه حتى يدرك، ثم يرتفع ذلك الملك ثم يوكل الله به ملكين يكتبان حسناته وسيئاته، فإذا حضره الموت ارتفع ذانك الملكان وجاءه ملك الموت فقبض روحه، فإذا دخل قبره ردَّ الروح في جسده. ثم ارتفع ملك الموت وجاء ملكا القبر فامتحناه ثم يرتفعان، فإذا قامت الساعة انحطَّ عليه ملك الحسنات وملك السيئات، فانتشطا كتابًا معقودًا في عنقه، ثم حضرا معه واحدًا سائقًا وآخر شهيدًا (١).

ثم قال الله تعالى: ﴿لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا﴾ [ق: ٢٢] " قال رسول الله : ﴿لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ (١٩)﴾ قال: "حالًا بعد حال" ثم قال النبي : "إن قدامكم لأمرًا عظيمًا لا تقدرونه فاستعينوا بالله العظيم" (٢) هذا حديث منكر، وإسناده فيه ضعفاء ولكن معناه صحيح، والله أعلم.

ثم قال ابن جرير بعد ما حكى أقوال الناس في هذه الآية من القراء والمفسرين: والصواب من التأويل قول من قال: لتركبن أنت يا محمد حالًا بعد حال وأمرًا بعد أمر من الشدائد، والمراد بذلك وإن كان الخطاب موجهًا إلى رسول الله جميع الناس وأنهم يلقون من شدائد يوم القيامة وأحواله أهوالًا (٣).

وقوله تعالى: ﴿فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (٢٠) وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ (٢١)﴾ أي: فماذا يمنعهم من الإيمان بالله ورسوله واليوم الآخر؟ وما لهم إذا قرئت عليهم آيات الله وكلامه وهو هذا القرآن لا يسجدون إعظامًا وإكرامًا واحترامًا؟

وقوله تعالى: ﴿بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ (٢٢)﴾ أي: من سجيتهم التكذيب والعناد والمخالفة للحق

﴿وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ (٢٣)﴾ قال مجاهد وقتادة: يكتمون في صدورهم (٤).

﴿فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (٢٤)﴾ أي: فأخبرهم يا محمد بأن الله ﷿ قد أعدَّ لهم عذابًا أليمًا.

وقوله تعالى: ﴿إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ هذا استثناء منقطع يعني: لكن الذين آمنوا؛ أي: بقلوبهم وعملوا الصالحات؛ أي: بجوارحهم ﴿لَهُمْ أَجْرٌ﴾ أي: في الدار الآخرة ﴿غَيْرُ مَمْنُونٍ﴾ قال ابن عباس: غير منقوص (٥).

وقال مجاهد والضحاك: غير محسوب (٦)، وحاصل قولهما أنه غير مقطوع كما قال تعالى: ﴿عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ﴾ [هود: ١٠٨].

وقال السدي: قال بعضهم: ﴿غَيْرُ مَمْنُونٍ﴾: غير منقوص.


(١) سنده ضعيف لضعف جابر الجعفي كما تقدم في الرواية السابق عن الحافظ ابن حجر.
(٢) أخرجه أبو نعيم بسند فيه جابر الجعفي، وهو ضعيف كما تقدم. (حلية الأولياء ٣/ ١٩٠).
(٣) ذكره الطبري بنحوه.
(٤) أخرجه آدم بن أبي إياس والطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد؛ وأخرجه عبد الرزاق والطبري بسند صحيح من طريق معمر عن قتادة.
(٥) أخرجه الطبري بسند ثابت من طريق ابن أبي طلحة عن ابن عباس.
(٦) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق ابن جريج عن مجاهد، وهو لم يسمع من مجاهد.