للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

هلال، عن زيد بن أيمن، عن عُبادة بن نسي، عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله : "أكثروا علي من الصلاة يوم الجمعة فإنه يوم مشهود تشهده الملائكة" (١). وعن سعيد بن جبير الشاهد الله، وتلا: ﴿وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا﴾ [النساء: ٧٩] والمشهود: نحن، حكاه البغوي، وقال الأكثرون على أن الشاهد يوم الجمعة والمشهود يوم عرفة.

وقوله تعالى: ﴿قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ (٤)﴾ أي: لُعنَ أصحاب الأخدود، وجمعه أخاديد وهي: الحفر في الأرض، وهذا خبر عن قوم من الكفار عمدوا إلى من عندهم من المؤمنين بالله ﷿، فقهروهم وأرادوهم أن يرجعوا عن دينهم، فأبوا عليهم فحفروا لهم في الأرض أخدودًا، وأججوا فيه نارًا وأعدوا لها وقودًا يسعرونها به، ثم أرادوهم فلم يقبلوا منهم فقذفوهم فيها ولهذا قال تعالى: ﴿قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ (٤) النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ (٥) إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ (٦) وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ (٧)﴾ أي: مشاهدون لما يفعل بأولئك المؤمنين.

قال الله تعالى: ﴿وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (٨)﴾ أي: وما كان لهم عندهم ذنب إلا إيمانهم بالله العزيز الذي لا يضام من لاذ بجنابه المنيع؛ الحميد في جميع أقواله وأفعاله وشرعه وقدره، وإن كان قد قدر على عباده هؤلاء هذا الذي وقع بهم بأيدي الكفار به فهو العزيز الحميد، وإن خفي سبب ذلك على كثير من الناس (٢).

ثم قال تعالى: ﴿الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ من تمام الصفة أنه المالك لجميع السموات والأرض وما فيهما وما بينهما ﴿وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾ أي: لا يغيب عنه شيء في جميع السموات والأرض ولا تخفى عليه خافية.

وقد اختلف أهل التفسير في أهل هذه القصة من هم؟ فعن علي أنهم أهل فارس حين أراد ملكهم تحليل تزويج المحارم، فامتنع عليهم علماؤهم فعمد إلى حفر أخدود، فقذف فيه من أنكر عليه منهم واستمر فيهم تحليل المحارم إلى اليوم. وعنه أنهم كانوا قومًا باليمن اقتتل مؤمنوهم ومشركوهم، فغلب مؤمنوهم على كفارهم، ثم اقتتلوا فغلب الكفار المؤمنين فخدوا لهم الأخاديد وأحرقوهم فيها، وعنه أنهم كانوا من أهل الحبشة واحدهم حبشي.

وقال العوفي، عن ابن عباس ﴿قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ (٤) النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ (٥)﴾ قال: ناس من بني إسرائيل خَدُّوا أخدودًا في الأرض ثم أوقدوا فيه نارًا ثم أقاموا على ذلك الأخدود رجالًا ونساء فعرضوا عليها، وزعموا أنه: دانيال وأصحابه (٣). وهكذا قال الضحاك بن مزاحم (٤)، وقيل غير ذلك.

وقد قال الإمام أحمد: حدثنا عفان، حدثنا حماد بن سلمة، عن ثابت، عن عبد الرحمن بن


(١) أخرجه الطبري بسنده ومتنه؛ وأخرجه ابن ماجه من طريق عبد الله بن وهب به (السنن، الجنائز، باب ذكر وفاته ح ١٦٣٧) وسنده ضعيف لأن عبادة لم يسمع من أبي الدرداء، وزيد بن أيمن مقبول. (التقريب ص ٢٢٢)؛ وذكره الألباني فى ضعيف سنن ابن ماجه.
(٢) أخرجه الطبري بسند فيه ابن حميد وهو محمد بن حميد وهو الرازي: ضعيف.
(٣) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق العوفي عن ابن عباس.
(٤) أخرجه الطبري بسند ضعيف فيه إبهام شيخه.