للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا﴾ [الأعراف: ١٥٥] فأوحى الله إلى موسى: إن هؤلاء السبعين ممن (اتخذ) (١) العجل؛ ثم إن الله أحياهم، فقاموا (وعاش) (٢) رجل رجل، ينظر بعضهم إلى بعض كيف يحيون؟ قال: فذلك قوله (تعالى) (٣): ﴿ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٥٦)﴾.

وقال الربيع (٤) بن أنس: كان موتهم عقوبةً لهم، فبعثوا من بعد الموت، ليستوفوا آجالهم. وكذا قال قتادة (٥).

وقال ابن (٦) جرير: حدثنا محمد بن حميد، حدثنا سلمة بن الفضل، عن محمد بن إسحاق؛ قال: لما رجع موسى إلى قومه، فرأى ما هم عليه من عبادة العجل، وقال لأخيه وللسامري ما قال، وحرق العجل وذراه في اليم، اختار موسى منهم سبعين رجلًا الخير فالخير، وقال: انطلقوا إلى الله، وتوبوا إلى الله مما صنعتم، (وسلوه) (٧) التوبة على من تركتم وراءكم من قومكم، صوموا وتطهروا، وطهروا ثيابكم. فخرج بهم إلى طور سيناء لميقات وقَّته له ربه، وكان لا يأتيه إلا بإذن منه وعلم؛ فقال له السبعون - فيما ذكر لي حين صنعوا ما أمروا به، وخرجوا للقاء الله - قالوا: يا موسى، اطلب لنا إلى ربك نسمع كلام ربنا. فقال: أفعل.

فلما دنا موسى من الجبل وقع عليه الغمام حتى تغشى الجبل - كله، ودنا موسى فدخل فيه، وقال للقوم: ادنوا، وكان موسى إذا كلمه الله وقع على جبهته نور ساطع لا يستطيع أحد من بني آدم أن ينظر إليه؛ فضرب دونه بالحجاب، ودنا القوم حتى إذا دخلوا في الغمام وقعوا سجودًا، فسمعوه وهو يكلم موسى يأمره وينهاه: افعل، ولا تفعل، فلما فرغ إليه من أمره انكشف عن موسى الغمام، فأقبل إليهم، فقالوا لموسى: ﴿لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً﴾ فأخذتهم الرجفة، وهي: الصاعقة، فماتوا جميعًا.

وقام موسى يناشد ربه، ويدعوه، ويرغب إليه، ويقول: ﴿رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ﴾ [الأعراف: ١٥٥] قد سفهوا؛ أفتهلك من ورائي من بني إسرائيل بما يفعل السفهاء منا؟ أي: إن هذا لهم هلاك، واخترت منهم سبعين رجلًا الخير فالخير، أرجع إليهم؛ وليس معي منهم رجل واحد؟ فما الذي يصدقوني به، ويأمنوني عليه بعد هذا؟ ﴿إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ﴾ [الأعراف: ١٥٦] فلم يزل موسى يناشد ربه ﷿، ويطلب إليه حتى رد إليهم أرواحهم، (٨) [(فطلب) (٩) إليه التوبة لبني إسرائيل من عبادة العجل؛ فقال: لا، إلا أن يقتلوا أنفسهم] (٨).

(هذا سياق محمد بن إسحاق) (١٠).


(١) في (ز) و (ن): "اتخذوا"؛ وفي (ك): "اتخذتهم"!
(٢) في (ز) و (ض) و (ن) و (هـ): "عاشوا".
(٣) من (ز) و (ن).
(٤) أخرجه ابن جرير (٩٦١) بسياق أطول؛ وابن أبي حاتم (٥٤٨). [وسنده جيد].
(٥) أخرجه ابن جرير (٩٦٠)؛ وابن أبي حاتم (٥٤٧). [وسنده صحيح].
(٦) في "تفسيره" (٩٥٧) وسنده ضعيف.
(٧) في (ن): "واسألوه".
(٨) ساقط من (ج).
(٩) كذا في (ك) و (ل) و (هـ) و (ى) وهو الموافق لما في "تفسير الطبري"؛ وفي (ز) و (ن): "وطلب".
(١٠) ساقط من (ك).