للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

التقديم، وأن معنى الكلام والذي أخرج المرعى، أحوى: أخضر إلى السواد فجعله غثاء بعد ذلك (١)، ثم قال ابن جرير: وهذا وإن كان محتملًا إلا أنه غير صواب لمخالفته أقوال أهل التأويل (٢).

وقوله تعالى: ﴿سَنُقْرِئُكَ﴾ أي: يا محمد ﴿فَلَا تَنْسَى﴾ وهذا إخبار من الله تعالى ووعد منه له. بأنه سيقرئه قراءة لا ينساها ﴿إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ﴾ وهذا اختيار ابن جرير.

وقال قتادة: كان رسول الله لا ينسى شيئًا إلا ما شاء الله (٣).

وقيل: المراد بقوله: ﴿فَلَا تَنْسَى﴾ طلب، وجعل معنى الاستثناء على هذا ما يقع من النسخ؛ أي: لا تنسى ما نقرئك إلا ما شاء الله رفعه فلا عليك أن تتركه.

وقوله تعالى: ﴿إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى﴾ أي: يعلم ما يجهر به العباد وما يخفونه من أقوالهم وأفعالهم لا يخفى عليه من ذلك.

وقوله تعالى: ﴿وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى (٨)﴾ أي: نسهل عليك أفعال الخير وأقواله ونشرع لك شرعًا سهلًا سمحًا مستقيمًا عدلًا لا اعوجاج فيه ولا حرج ولا عسر.

وقوله تعالى: ﴿فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى (٩)﴾ أي: ذكِّر حيث تنفع التذكرة، ومن ههنا يؤخذ الأدب في نشر العلم فلا يضعه عند غير أهله كما قال أمير المؤمنين علي : ما أنت بمحدث قومًا حديثًا لا تبلغه عقولهم إلا كانت فتنة لبعضهم (٤)، وقال: حدث الناس بما يعرفون أتحبون أن يكذّب الله ورسوله (٥).

وقوله تعالى: ﴿سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى (١٠)﴾ أي: سيتعظ بما تبلغه يا محمد من قلبه يخشى الله ويعلم أنه ملاقيه

﴿وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى (١١) الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى (١٢) ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى (١٣)﴾ أي: لا يموت فيستريح ولا يحيى حياة تنفعه بل هي مضرة عليه؛ لأن بسببها يشعر ما يعاقب به من أليم العذاب وأنواع النكال.

قال الإمام أحمد: حدثنا ابن أبي عدي عن سليمان -يعني: التيمي-، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد قال: قال رسول الله : "أما أهل النار الذين هم أهلها لا يموتون ولا يحيون وأما أناس يريد الله بهم الرحمة فيميتهم في النار فيدخل عليهم الشفعاء فيأخذ الرجل أنصاره فينبتهم -أو قال-: ينبتون -في نهر الحيا - أو قال: الحياة - أو قال: الحيوان - أو قال: نهر الجنة- فينبتون نبات الحبة في حميل السيل" قال: وقال النبي : "أما ترون الشجرة تكون خضراء ثم تكون صفراء ثم تكون خضراء؟ " قال: فقال بعضهم: كأن النبي كان بالبادية (٦).


(١) ذكره الطبري بلفظه.
(٢) ذكره الطبري بنحوه.
(٣) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي عروبة عن قتادة؛ وأخرجه الطبري وعبد الرزاق بسند صحيح من طريق معمر عن قتادة بنحوه.
(٤) أخرجه مسلم من قول ابن مسعود. (الصحيح، المقدمة، باب النهي عن الحديث بكل ما سمع، الحديث الثامن ١/ ١١).
(٥) أخرجه البخاري بسنده عن علي . (الصحيح، العلم، باب من خصَّ بالعلم قومًا دون قوم .. ح ١٢٧).
(٦) تقدم تخريجه في تفسير سورة طه آية ٧٤.