للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال أحمد أيضًا: حدثنا إسماعيل، حدثنا [سعيد بن يزيد] (١)، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله : "أما أهل النار الذين هم أهلها فإنهم لا يموتون فيها ولا يحيون ولكن أناس -أو كما قال-: تصيبهم النار بذنوبهم -أو قال: بخطاياهم- فيميتهم إماتة حتى إذا صاروا فحمًا أذن في الشفاعة، فجيء بهم ضبائر ضبائر فنبتوا على أنهار الجنة فيقال: يا أهل الجنة أفيضوا عليهم، فينبتون نبات الحبة تكون في حميل السيل" قال: فقال رجل من القوم حينئذ: كأن رسول الله كان بالبادية، ورواه مسلم من حديث بشر بن المفضل وشعبة كلاهما عن أبي سلمة سعيد بن يزيد به مثله (٢)، ورواه أحمد أيضًا عن يزيد، عن سعيد بن إياس الجريري، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، عن النبي قال: "إن أهل النار الذين لا يريد الله إخراجهم لا يموتون فيها ولا يحيون، وإن أهل النار الذين يريد الله إخراجهم يميتهم فيها إماتة حتى يصيروا فحمًا، ثم يخرجون ضبائر فيلقون على أنهار الجنة فيرش عليهم من أنهار الجنة فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل" (٣).

وقد قال الله تعالى إخبارًا عن أهل النار: ﴿وَنَادَوْا يَامَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ (٧٧)[الزخرف] وقال تعالى: ﴿لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا﴾ [فاطر: ٣٦] إلى غير ذلك من الآيات في هذا المعنى.

﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (١٤) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى (١٥) بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (١٦) وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (١٧) إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى (١٨) صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى (١٩)﴾.

يقول تعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (١٤)﴾ أي: طهر نفسه من الأخلاق الرذيلة وتابع ما أنزل الله على الرسول صلوات الله وسلامه عليه ﴿وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى (١٥)﴾ أي: أقام الصلاة في أوقاتها ابتغاء رضوان الله وطاعة لأمر الله وامتثالًا لشرع الله.

وقد قال الحافظ أبو بكر البزار: حدثنا عباد بن أحمد العرزمي، حدثنا عمي محمد بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن عطاء بن السائب، عن عبد الرحمن بن سابط، عن جابر بن عبد الله، عن النبي قال: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (١٤)﴾ قال: "من شهد أن لا إله إلا الله وخلع الأنداد وشهد أني رسول الله" ﴿وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى (١٥)﴾ قال: "هي الصلوات الخمس والمحافظة عليها والاهتمام بها" ثم قال: لا يروى عن جابر إلا من هذا الوجه (٤)، وكذا قال ابن عباس: إن المراد بذلك الصلوات الخمس (٥)، واختاره ابن جرير.


(١) كذا في المسند، وفي الأصل صحف إلى: سعيد ثنا يزيد، وفي (ح): باسم سعيد بن أبي يزيد.
(٢) تقدم تخريجه في تفسير سورة طه آية ٧٤. بعد الحديث السابق.
(٣) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه. (المسند ٣/ ١١)، وسنده صحيح؛ وأخرجه مسلم من طريق بشر بن المفضل عن أبي نضرة به. (الصحيح، الإيمان، باب إثبات الشفاعة ح ١٨٥).
(٤) أخرجه البزار كما في كشف الأستار (ح ٢٢٨٤) وسنده ضعيف جدًا لأن عباد بن أحمد العرزمي متروك. (مجمع الزوائد ٧/ ١٤٠).
(٥) أخرجه الطبري بسند ثابت من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس .