للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ولد عاد بن إرم بن عوص بن سام بن نوح. قاله ابن إسحاق (١)، وهم الذين بعث الله فيهم رسوله هودًا فكذبوه وخالفوه، فأنجاه الله من بين أظهرهم ومن آمن معه منهم وأهلكهم ﴿بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ (٦) سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ (٧) فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ (٨)[الحاقة] وقد ذكر الله قصتهم في القرآن في غير ما موضع ليعتبر بمصرعهم المؤمنون، فقوله تعالى: ﴿إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ (٧)﴾ عطف بيان، زيادة تعريف بهم.

وقوله تعالى: ﴿ذَاتِ الْعِمَادِ﴾ لأنهم كانوا يسكنون بيوت الشعر التي ترفع بالأعمدة الشداد، وقد كانوا أشد الناس في زمانهم خلقة وأقواهم بطشًا، ولهذا ذكرهم هود بتلك النعمة وأرشدهم إلى أن يستعملوها في طاعة ربهم الذي خلقهم فقال: ﴿وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ [لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ] (٢)[الأعراف: ٦٩] وقال تعالى: ﴿فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً﴾ [فصلت: ١٥] وقال ههنا: ﴿الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ (٨)﴾ أي: القبيلة التي لم يخلق مثلها في بلادهم لقوتهم وشدتهم وعظم تركيبهم.

قال مجاهد: إرم، أُمة قديمة؛ يعني: عادًا الأولى.

قال قتادة بن دعامة والسدي: إن إرم بيت مملكة عاد (٣)، وهذا قول حسن جيد وقوي.

وقال مجاهد وقتادة والكلبي في قوله: ﴿ذَاتِ الْعِمَادِ﴾ كانوا أهل عُمُد لا يقيمون (٤).

وقال العوفي، عن ابن عباس: إنما قيل لهم ذات العماد لطولهم (٥)، واختار الأول ابن جرير، وردَّ الثاني، فأصاب.

وقوله تعالى: ﴿الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ (٨)﴾ أعاد ابن زيد الضمير على العماد لارتفاعها وقال: بنوا عمدًا بالأحقاف لم يخلق مثلها في البلاد (٦)، وأما قتادة وابن جرير فأعاد الضمير على القبيلة؛ أي: لم يخلق مثل تلك القبيلة في البلاد؛ يعني: في زمانهم، وهذا القول هو الصواب، وقول ابن زيد ومن ذهب مذهبه ضعيف، لأنه لو كان المراد ذلك لقال التي لم يعمل مثلها في البلاد وإنما قال: ﴿لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ﴾.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا أبو صالح كاتب الليث، حدثني معاوية بن صالح، عمَّن حدثه، عن المقدام، عن النبي أنه ذكر ﴿إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ (٧)﴾ فقال: "كان الرجل منهم يأتي على الصخرة فيحملها على الحي فيهلكهم" (٧).


(١) ينظر سيرة ابن هشام ١/ ٧؛ وأخرجه الطبري عن ابن إسحاق.
(٢) كذا في سورة الأعراف آية ٦٩، وفي الأصول: "ولا تعثوا في الأرض مفسدين".
(٣) أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن معمر عن قتادة.
(٤) أخرجه آدم والطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد بلفظ: "أهل عمود"؛ وأخرجه عبد الرزاق والطبري بسند صحيح من طريق معمر عن قتادة.
(٥) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق العوفي به.
(٦) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن وهب عن ابن زيد.
(٧) سنده ضعيف لإبهام الراوي عن المقدام.