للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: ﴿الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ (١١) فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ (١٢)﴾ أي: تمردوا وعتوا وعاثوا في الأرض بالإفساد والأذية للناس

﴿فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ (١٣)﴾ أي: أنزل عليهم رجزًا من السماء وأحلَّ بهم عقوبة، لا يردّها عن القوم المجرمين.

وقوله تعالى: ﴿إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ (١٤)﴾ قال ابن عباس: يسمع ويرى (١)؛ يعني: يرصد خلقه فيما يعملون ويجازي كلًا بسعيه في الدنيا والأخرى، وسيعرض الخلائق كلهم عليه فيحكم فيهم بعدله ويقابل كلا بما يستحقه، وهو المنزه عن الظلم والجور.

وقد ذكر ابن أبي حاتم ههنا حديثًا غريبًا جدًا وفي إسناده نظر وفي صحته، فقال: حدثنا أبي، حدثنا أحمد بن أبي الحواري، حدثنا يونس الحذاء، عن أبي حمزة البيساني، عن معاذ بن جبل، قال: قال رسول الله : "يا معاذ إن المؤمن لدى الحق أسير، يا معاذ إن المؤمن لا يسكن روعه ولا يأمن اضطرابه حتى يخلف جسر جهنم خلف ظهره، يا معاذ إن المؤمن قيده القرآن عن كثير من شهواته وعن أن يهلك فيها هو -بإذن الله ﷿-، فالقرآن دليله، والخوف محجته، والشوق مطيته، والصلاة كهفه، والصوم جنته، والصدقة فكاكه، والصدق أميره، والحياء وزيره، وربه ﷿ من وراء ذلك كله بالمرصاد" (٢).

قال ابن أبي حاتم: يونس الحذاء وأبو حمزة مجهولان وأبو حمزة، عن معاذ مرسل. ولو كان عن أبي حمزة لكان حسنًا؛ أي: لو كان من كلامه لكان حسنًا.

ثم قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا صفوان بن صالح، حدثنا الوليد بن مسلم، عن صفوان بن عمرو، عن أيفع، عن ابن عبد الكلاعي أنه سمعه وهو يعظ الناس يقول: إن لجهنم سبع قناطر قال: والصراط عليهنَّ، قال: فيحبس الخلائق عند القنطرة الأولى فيقول: ﴿وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ (٢٤)[الصافات] قال: فيحاسبون على الصلاة ويسألون عنها، قال: فيهلك فيها من هلك وينجو من نجا، فإذا بلغوا القنطرة الثانية حوسبوا على الأمانة كيف أدوها وكيف خانوها؟ قال: فيهلك من هلك وينجو من نجا، فإذا بلغوا القنطرة الثالثة سئلوا عن الرحم كيف وصلوها وكيف قطعوها؟ قال: فيهلك من هلك وينجو من نجا، قال: والرحم يومئذٍ متدلية إلى الهوى في جهنم تقول: اللَّهم من وصلني فصله، ومن قطعني فاقطعه، قال: وهي التي يقول الله ﷿: ﴿إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ (١٤)(٣). هكذا أورد هذا الأثر ولم يذكر تمامه.

﴿فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (١٥) وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ (١٦) كَلَّا بَلْ لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ (١٧) وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (١٨) وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَمًّا (١٩) وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا (٢٠)﴾.

يقول تعالى منكرًا على الإنسان في اعتقاده إذا وسع الله تعالى عليه في الرزق ليختبره في


(١) أخرجه الطبري بسند ثابت من طريق ابن أبي طلحة عن ابن عباس.
(٢) سنده ضعيف لجهالة أبي حمزة وجهالة يونس الحذاء.
(٣) سنده ضعيف لضعف أيفع. (التقريب ص ١١٧).