للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: ﴿وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ (٣)﴾ قال ابن جرير: حدثنا أبو كريب، حدثنا ابن عطية، عن شريك، عن خُصيف، عن عكرمة، عن ابن عباس في قوله تعالى: ﴿وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ (٣)﴾ الوالد الذي يلد وما ولد العاقر الذي لا يولد له (١). ورواه ابن أبي حاتم من حديث شريك وهو ابن عبد الله القاضي به (٢).

وقال عكرمة: الوالد العاقر، وما ولد الذي يلد (٣). رواه ابن أبي حاتم.

وقال مجاهد وأبو صالح وقتادة والضحاك وسفيان الثوري وسعيد بن جبير والسدي والحسن البصري وخُصيف وشرحبيل بن سعد وغيرهم: يعني بالوالد: آدم، وما ولد: ولده (٤).

وهذا الذي ذهب إليه مجاهد وأصحابه حسن قوي؛ لأنه تعالى لما أقسم بأُم القرى وهي: أُم المساكن أقسم بعده بالساكن وهو آدم أبو البشر وولده.

وقال أبو عمران الجوني: هو إبراهيم وذريته، رواه ابن جرير (٥) وابن أبي حاتم، واختار ابن جرير أنه عام في كل والد وولده وهو محتمل أيضًا.

وقوله تعالى: ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ (٤)﴾ روي عن ابن مسعود وابن عباس وعكرمة ومجاهد وإبراهيم النخعي وخيثمة والضحاك وغيرهم يعني: منتصبًا، زاد ابن عباس في رواية عنه: منتصبًا في بطن أمه (٦)، والكبد الاستواء والاستقامة، ومعنى هذا القول لقد خلقناه سويًا مستقيمًا كقوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (٦) الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (٧) فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ (٨)[الانفطار] وكقوله تعالى: ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (٤)[التين].

وقال ابن جريج، [عن] (٧) عطاء، عن ابن عباس: ﴿فِي كَبَدٍ﴾ قال: في شدة خلق ألم ترَ إليه؟ وذكر مولده ونبات أسنانه (٨).

وقال مجاهد: ﴿فِي كَبَدٍ﴾ نطفة ثم علقة ثم مضغة يتكبد في الخلق، قال مجاهد: وهو كقوله تعالى: ﴿حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا﴾ وأرضعته كرهًا ومعيشته كره فهو يكابد ذلك.

وقال سعيد بن جبير: ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ (٤)﴾ في شدة وطلب معيشة.


(١) أخرجه الطبري بسنده ومتنه؛ وأخرجه آدم بن أبي إياس عن شريك به، وفي سنده شريك وخصيف وكلاهما سيء الحفظ.
(٢) سنده كسابقه.
(٣) أخرجه الطبري بسند حسن من طريق النضر بن عربي عن عكرمة.
(٤) أخرجه آدم والطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد؛ وأخرجه الطبري بسند صحيح من طريق إسماعيل بن أبي خالد عن أبي صالح؛ وأخرجه عبد الرزاق بسند صحيح من طريق معمر عن قتادة.
(٥) أخرجه الطبري بسند حسن من طريق جعفر بن سليمان عن أبي عمران الجوني.
(٦) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق العوفي بلفظ: "في انتصاب، ويقال: في شدة"؛ وأخرجه الطبري بسند ثابت من طريق ابن أبي طلحة بلفظ: في نصب، واللفظ الذي ذكره الحافظ ابن كثير عزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم؛ وأخرجه الطبري بسند صحيح من طريق منصور عن إبراهيم.
(٧) كذا في (ح) و (حم)، وفي الأصل: (و) والتصويب كما في التخريج.
(٨) أخرجه الطبري والحاكم من طريق ابن جريج به؛ وصححه الحاكم ووافقه الذهبي. (المستدرك ٢/ ٥٢٣).