للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إسرائيل، عن جابر، عن عامر - وهو الشعبي - قال: عسلكم هذا جزء من سبعين جزءًا من المن.

وكذا قال عبد الرحمن (١) بن زيد بن أسلم إنه العسل.

ووقع في شعر أمية بن أبي الصلت حيث قال (٢):

فرأى الله أنهم بمضيع … لا بذي مزرع ولا مثمورًا

فسناها (٣) عليهم غاديات … ومرى مزنهم خلايا وخورًا

عسلًا ناطفًا وماءً فراتًا .... وحليبًا ذا بهجة (مرمورًا) (٤)

فالناطف هو السائل. والحليب المرمور: الصافي منه.

والغرض أن عبارات المفسرين متقاربة في شرح المن؛ فمنهم من فسره بالطعام، ومنهم من فسره بالشراب والظاهر - والله أعلم - أنه كل ما امتن الله به عليهم من طعام وشراب، وغير ذلك مما ليس لهم فيه عمل ولا كد؛ فالمن المشهور إن أكل وحده كان طعامًا وحلاوةً، وإن مزج مع الماء صار شرابًا طيبًا، وإن ركب مع غيره صار نوعًا آخر؛ ولكن ليس هو المراد من الآية وحده.

والدليل على ذلك قول البخاري (٥): حدثنا أبو نعيم، حدثنا سفيان، عن عبد الملك، عن عمرو بن حريث، عن سعيد بن زيد ؛ قال: قال النبي : "الكمأة من المن وماؤها شفاء للعين".

وهذا الحديث رواه الإمام (٦) أحمد، عن سفيان بن عيينة، عن عبد الملك؛ وهو ابن عمير، به. وأخرجه الجماعة في كتبهم إلا أبا داود من طرق: عن عبد الملك، وهو ابن عمير، به.


(١) أخرجه ابن جرير (٩٧٠) وسنده صحيح.
(٢) هو في "ديوانه" (ص ٣٤، ٣٥).
(٣) في "الديوان": "فعفا لها" ووقعت الأبيات في "تفسير الطبري" مخالفة لبعض ما نفله المصنف هاهنا. ونصها عنده هكذا:
فرأى الله أنهم بمضيع … لا بذي مزرع ولا معمورا
فنساها عليهم غاديات … ومرى مزنهم خلايا وخورًا
عسلًا ناطفًا، وماءً فراتًا … وحليبًا ذا بهجة مثمورًا
وقد تكلم الأستاذ الألمعي محمود شاكر حفظه الله تعالى في شأن هذا الاختلاف، وزيف بعض الكلمات فيه، وذلك في تعليقه على "تفسير الطبري" (٢/ ٩٤، ٩٥) فراجعه.
(٤) كذا في (ز) و (ض) و (ك) و (ل) و (هـ) و (ى)، برائين؛ وفي (ج) و (ن): "مزمورًا" بزاي ثم راء مهملة. وقال الشيخ محمود شاكر حفظه الله (٢/ ٩٥) بعد أن نقل عن ناسخ مخطوطة "الطبري" أنه قال في طرف الصفحة: "المزمور: الصافي من اللبن. قال: وذلك شيء لا وجود له في كتب اللغة". ثم جعل مكان هذه اللفظة: "مثمورًا" ثم قال: "ولم أجد "مثمورًا" في كتب اللغة، ولكن يقال: الثمر والثميرة: اللبن الذي ظهر زبده وتحبب. قال ابن شميل: إذا مخض رؤي عليه أمثال الحصف في الجلد، ثم يجتمع فيصير زبدًا، وما دامت صغارًا فهو ثمير. ويقولون: إن لبنك لحسن الثمر، وقد أثمر مخاضك. فكأه قال: "مثمورًا" ويعني: "ثميرًا" لأن "فعيلًا" بمعنى "مفعول" هنا". اهـ.
(٥) في "كتاب التفسير" من "صحيحه" (٨/ ١٦٣) وسفيان هنا: هو الثوري. ثم رواه في "تفسير سورة الأعراف" (٨/ ٣٠٣) قال: حدثنا مسلم، ثنا شعبة، عن عبد الملك بن عمير بسنده سواء. وأخرجه في "الطب" (١٠/ ١٦٣) عن غندر عن شعبة به.
(٦) في "مسنده" (١/ ١٨٧) وعنه القطيعي في "جزء الألف دينار" (٤٧) قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن عبد الملك به وأخرجه مسلم (٢٠٤٩).