للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يقول: اشتكى النبي فلم يقم ليلة أو ليلتين، فأتت امرأة فقالت: يا محمد ما أرى شيطانك إلا قد تركك، فأنزل الله ﷿: ﴿وَالضُّحَى (١) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (٢) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (٣)(١). رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن أبي حاتم وابن جرير من طرق عن الأسود بن قيس، عن جُندب، هو ابن عبد الله البجلي، ثم العلقي به (٢)، وفي رواية سفيان بن عيينة، عن الأسود بن قيس سمع جُندبًا قال: أبطأ جبريل على رسول الله فقال المشركون: ودَّع محمدًا ربه؛ فأنزل الله تعالى: ﴿وَالضُّحَى (١) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (٢) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (٣)﴾.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو سعيد الأشج وعمرو بن عبد الله الأودي، قالا: حدثنا أبو أسامة، حدثني سفيان، حدثني الأسود بن قيس أنه سمع جُندبًا يقول: رُمي رسول الله بحجر في أصبعه فقال:

"هل أنت إلا أصبع دميت … وفي سبيل الله ما لقيت؟ "

قال: فمكث ليلتين أو ثلاثًا لا يقوم، فقالت له امرأة ما أرى شيطانك إلا قد تركك فنزلت ﴿وَالضُّحَى (١) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (٢) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (٣)﴾ والسياق لأبي سعيد (٣).

قيل: إن هذه المرأة هي أم جميل امرأة أبي لهب، وذكر أن أصبعه دُميت، وقوله هذا الكلام الذي اتفق أنه موزون ثابت في الصحيحين ولكن الغريب هاهنا جعله سببًا لتركه القيام ونزول هذه السورة.

فأما ما رواه ابن جرير: حدثنا ابن أبي الشوارب، حدثنا عبد الواحد بن زياد، حدثنا سليمان الشيباني، عن عبد الله بن شداد، أن خديجة قالت للنبي : ما أرى ربك إلا قد قلاك، فأنزل الله ﴿وَالضُّحَى (١) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (٢) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (٣)(٤).

وقال أيضًا: حدثنا أبو كريب، حدثنا وكيع، عن هشام بن عروة، عن أبيه قال: أبطأ جبريل على النبي فجزع جزعًا شديدًا فقالت خديجة: إني أرى ربك قد قلاك مما نرى من جزعك، قال: فنزلت ﴿وَالضُّحَى (١) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (٢) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (٣). . .﴾ إلى آخرها (٥). فإنه حديث مرسل من [هذين الوجهين] (٦) ولعلّ ذكر خديجة ليس محفوظًا أو قالته على وجه التأسف والحزن، والله أعلم.


(١) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٤/ ٣١٢) وسنده صحيح.
(٢) صحيح البخاري، التهجد، باب ترك القيام للمريض (ح ١١٢٤)، وصحيح مسلم، الجهاد والسير، باب ما لقي النبي من أذى المشركين (ح ١٧٩٧)؛ وسنن الترمذي، التفسير، باب ومن سورة الضحى (ح ٣٣٤٢)؛ والسنن الكبرى، التفسير، سورة الضحى (ح ١١٦٨١).
(٣) سنده صحيح ورجاله ثقات.
(٤) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وما أظن عبد الله بن شداد سمع من خديجة ، وما أظن خديجة تقول ذلك بل كانت تشجعه وتؤازره.
(٥) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وسنده ضعيف لأنه مرسل؛ وأخرجه الحاكم من طريق هشام بن عروة به؛ وصححه الحاكم وقال الذهبي: صحيح مرسل (المستدرك ٢/ ٦١٠)؛ وأخرجه البيهقي من الطريق نفسه وقال: في هذا الإسناد انقطاع (دلائل النبوة ٧/ ٦٠).
(٦) كذا في (ح) و (حم)، وفي الأصل بياض.