للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: ﴿وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى (٨)﴾ أي: كنت فقيرًا ذا عيال فأغناك الله عمن سواه فجمع له بين مقامي الفقير الصابر والغني الشاكر صلوات الله وسلامه عليه.

وقال قتادة في قوله: ﴿أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى (٦) وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى (٧) وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى (٨)﴾ قال: كانت هذه منازل رسول الله قبل أن يبعثه الله ﷿. رواه ابن جرير (١) وابن أبي حاتم.

وفي الصحيحين من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن همام بن منبه قال: هذا ما حدثنا أبو هريرة قال: قال رسول الله : ["ليس الغنى عن كثرة العَرَض، ولكن الغنى غنى النفس" (٢).

وفي صحيح مسلم، عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله :] (٣) "قد أفلح من أسلم ورزق كفافًا وقنعه الله بما آتاه" (٤).

ثم قال تعالى: ﴿فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ (٩)﴾ أي: كما كنت يتيمًا فآواك الله فلا تقهر اليتيم؛ أي: لا تذله وتنهره وتهنه ولكن أحسن إليه وتلطف به.

قال قتادة: كن لليتيم كالأب الرحيم (٥).

﴿وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ (١٠)﴾ أي: وكما كنت ضالًّا فهداك الله، فلا تنهر السائل في العلم المسترشد.

قال ابن إسحاق: ﴿وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ (١٠)﴾ أي: فلا تكن جبارًا ولا متكبرًا ولا فحَّاشًا ولا فظًّا على الضعفاء من عباد الله.

وقال قتادة: يعني: ردّ المسكين برحمة ولين

﴿وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (١١)﴾ أي: وكما كنت عائلًا فقيرًا فأغناك الله فحدث بنعمة الله عليك كما جاء في الدعاء المأثور النبوي: "واجعلنا شاكرين لنعمتك مثنين بها عليك قابليها وأتمها علينا".

وقال ابن جرير: حدثنا يعقوب، حدثنا ابن علية، حدثنا سعيد بن [إياس الجريري] (٦)، عن أبي نضرة قال: كان المسلمون يرون أن من شكر النعم أن يحدث بها (٧).

وقال عبد الله ابن الإمام أحمد: حدثنا منصور بن أبي مزاحم، حدثنا الجراح بن مليح، عن أبي عبد الرحمن، عن الشعبي، عن النعمان بن بشير قال: قال رسول الله على المنبر: "من لم يشكر القليل لم يشكر الكثير، ومن لم يشكر الناس لم يشكر الله، والتحدث بنعمة الله شكر


(١) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة.
(٢) أخرجه الشيخان من طريق أبي صالح عن أبي هريرة . (صحيح البخاري، الرقاق، باب غنى النفس ح ٦٤٤٦)؛ وصحيح مسلم، الزكاة، باب ليس الغنى عن كثرة العرض (ح ١٠٥١).
(٣) زيادة من (ح) و (حم).
(٤) صحيح مسلم، الزكاة، باب في الكفاف والقناعة (ح ١٠٥٤).
(٥) عزاه السيوطي إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم، وأخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة بلفظ: "لا تظلم".
(٦) كذا في (ح) و (حم) وتفسير الطبري، وفي الأصل صحف إلى: "المربري". ولم يذكر: إياس.
(٧) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وسنده صحيح.