للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بعده كنزًا كنزًا فسر بذلك، فأنزل الله ﴿وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى (٥)﴾ فأعطاه في الجنة ألف ألف قصر في كل قصر ما ينبغي له من الأزواج والخدم (١)، رواه ابن جرير من طرقه، وهذا إسناد صحيح إلى ابن عباس ومثل هذا ما يقال إلا عن توقيف.

وقال السدي، عن ابن عباس من رضاء محمد أن لا يدخل أحد من أهل بيته النار، رواه ابن جرير وابن أبي حاتم (٢).

وقال الحسن: يعني بذلك الشفاعة (٣)، وهكذا قال أبو جعفر الباقر.

وقال أبو بكر بن أبي شيبة: حدثنا معاوية بن هشام، عن علي بن صالح، عن يزيد بن أبي زياد، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله قال: قال رسول الله : "إنَّا أهل بيتٍ اختار الله لنا الآخرة على الدنيا، ﴿وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى (٥)﴾ " (٤).

ثم قال تعالى يعدد نعمه على عبده ورسوله محمد صلوات الله وسلامه عليه: ﴿أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى (٦)﴾ وذلك أن أباه توفي وهو حمل في بطن أُمه، وقيل: بعد أن ولد ثم توفيت أُمه آمنة بنت وهب وله من العمر ست سنين، ثم كان في كفالة جده عبد المطلب إلى أن توفي وله من العمر ثمان سنين، فكفله عمُّه أبو طالب، ثم لم يزل يحوطه وينصره ويرفع من قدره ويوقره، ويكفّ عنه أذى قومه بعد أن ابتعثه الله على رأس أربعين سنة من عمره، هذا وأبو طالب على دين قومه من عبادة الأوثان، وكل ذلك بقدر الله وحسن تدبيره إلى أن توفي أبو طالب قبل الهجرة بقليل، فأقدم عليه سفهاء قريش وجهالهم، فاختار الله له الهجرة من بين أظهرهم إلى بلد الأنصار من الأوس والخزرج، كما أجرى الله سنته على الوجه الأتم الأكمل، فلما وصل إليهم آووه ونصروه وحاطوه وقاتلوا بين يديه أجمعين، وكل هذا من حفظ الله له وكلاءته وعنايته به.

وقوله تعالى: ﴿وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى (٧)﴾ كقوله: ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا﴾ الآية [الشورى: ٥٢].

ومنهم من قال: إن المراد بهذا أن النبي ضلَّ في شِعاب مكة وهو صغير ثم رجع.

وقيل: إنه ضلَّ وهو مع عمِّه في طريق الشام، وكان راكبًا ناقة في الليل، فجاء إبليس فعدل بها عن الطريق، فجاء جبريل فنفخ إبليس نفخة ذهب منها إلى الحبشة، ثم عدل بالراحلة إلى الطريق حكاهما البغوي (٥).


(١) أخرجه الطبري من طريق عمرو بن هاشم عن الأوزاعي به؛ وصحح سنده الحافظ ابن كثير؛ وأخرجه الطبراني من طريق الأوزاعي به، (المعجم الكبير ١٠/ ٣٣٧ ح ١٠٦٥٠)؛ وحسن سنده الهيثمي (مجمع الزوائد ٧/ ١٣٨).
(٢) أخرجه الطبري من طريق الحكم بن ظهير به، وسنده ضعيف جدًّا لأن السدي لم يسمع من ابن عباس، والحكم بن ظهير متروك ورمي بالرفض (التقريب ص ١٧٥) وكذلك السدي فيه تشيع.
(٣) عزاه البغوي إلى الحسن (معالم التنزيل ٤/ ٤٩٨).
(٤) أخرجه ابن أبي شيبة مطولًا دون ذكر الآية. (المصنف ١٥/ ٢٣٦) وسنده ضعيف لضعف يزيد بن أبي زياد وتشيعه (التقريب ص ٦٠١).
(٥) معالم التنزيل ٤/ ٤٩٩.