للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وحكى البغوي عن ابن عباس ومجاهد أن المراد بذلك الأذان يعني ذكره فيه وأورد من شعر حسان بن ثابت:

أغرُّ عليه للنبوة خاتم … من الله نور يلوح ويشهد

وضمّ الإله اسم النبي إلى اسمه … إذا قال في الخمس المؤذن أشهد

وشقَّ له من اسمه ليجله … فذو العرش محمود وهذا محمد (١)

وقال آخرون: رفع الله ذكره في الأولين والآخرين ونوه به حين أخذ الميثاق على جميع النبيين أن يؤمنوا به، وأن يأمروا أُممهم بالإيمان به، ثم شهد ذكره في أُمته فلا يذكر الله إلا ذكر معه، وما أحسن ما قال الصرصري :

لا يصح الأذان في الفرض إلا … باسمه العذب في الفم المرضي

وقال أيضًا:

[ألم تر أنا لا يصح أذاننا … ولا فرضنا إن لم نكرره فيهما] (٢)

وقوله تعالى: ﴿فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (٥) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (٦)﴾ أخبر تعالى أن مع العسر يوجد اليسر ثم أكّد هذا الخبر.

قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو زرعة، حدثنا محمود بن غيلان، حدثنا حميد بن حماد بن أبي خوار أبو الجهم، حدثنا عائذ بن شريح قال: سمعت أنس بن مالك يقول: كان النبي جالسًا وحياله حجر، فقال: "لو جاء العسر فدخل هذا الحجر لجاء اليسر حتى يدخل عليه فيخرجه" فأنزل الله ﷿: ﴿فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (٥) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (٦)(٣). ورواه أبو بكر البزار في مسنده عن محمد بن معمر، عن حميد بن حماد ولفظه: "لو جاء العسر حتى يدخل هذا الحجر لجاء اليسر حتى يخرجه" ثم قال: ﴿فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (٥)﴾ ثم قال البزار: لا نعلم رواه عن أنس إلا عائذ بن شريح (٤).

قلت: وقد قال فيه أبو حاتم الرازي: في حديثه ضعف، ولكن رواه شعبة، عن معاوية بن قرة، عن رجل، عن عبد الله بن مسعود موقوفًا (٥).

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح، حدثنا أبو قطن، حدثنا المبارك بن


(١) ذكر البغوي هذه الأبيات الشعرية، وذكر القول الذي قبله عن مجاهد دون ذكر ابن عباس. (معالم التنزيل ٤/ ٥٠٢) وهذه الأبيات فى ديوان حسان ص ٤٧.
(٢) زيادة من (ح) و (حم).
(٣) سنده ضعيف لضعف عائذ بن شريح. (لسان الميزان ٣/ ٢٢٦)؛ وأخرجه الحاكم من طريق حميد بن حماد به؛ وصححه وتعقبه الذهبي بقوله: تفرد به حميد بن حماد عن عائذ، وحميد منكر الحديث كعائذ. (المستدرك ٢/ ٢٥٥).
(٤) أخرجه البزار بسنده ومتنه، وضعفه الحافظ ابن حجر. (مختصر زوائد مسند البزار ٢/ ١١٩ ح ١٥٣٤).
(٥) أخرجه الطبري من طريق شعبة به، وسنده ضعيف لإبهام الراوي عن ابن مسعود؛ وأخرجه عبد الرزاق من طريق إبراهيم النخعي عن ابن مسعود، وإبراهيم لم يسمع من ابن مسعود. ومعناه صحيح، ويشهد له ما يليه.