للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال ابن جرير أيضًا: حدثنا ابن حميد، حدثنا يحيى بن واضح، أخبرنا يونس بن أبي إسحاق، عن الوليد بن العيزار، عن ابن عباس قال: قال أبو جهل: لئن عاد محمد يصلي عند المقام لأقتلنه، فأنزل الله ﷿: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (١)﴾ حتى بلغ هذه الآية ﴿نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ (١٦) فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ (١٧) سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ (١٨)﴾ فجاء النبي فصلى، فقيل: ما يمنعك؟ قال: قد اسود ما بيني وبينه من الكتائب، قال ابن عباس: والله لو تحرك لأخذته الملائكة والناس ينظرون إليه (١).

وقال ابن جرير: حدثنا ابن عبد الأعلى، حدثنا المعتمر عن أبيه، حدثنا نعيم بن أبي هند، عن أبي حازم، عن أبي هريرة قال: قال أبو الجهل: هل يعفر محمد وجهه بين أظهركم؟ قالوا: نعم، قال: فقال: واللات والعزى لئن رأيته يصلي كذلك لأطأن على رقبته، ولأعفرن وجهه في التراب، فأتى رسول الله وهو يصلي ليطأ على رقبته، قال: فما فجأهم منه إلا وهو ينكص على عقبيه ويتقي بيديه، قال: فقيل له: ما لك؟ فقال: إن بيني وبينه خندقًا من نار، وهولًا وأجنحة قال: فقال رسول الله: "لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضوًا عضوًا" قال: وأنزل الله لا أدري في حديث أبي هريرة أم لا ﴿كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (٦)﴾ إلى آخر السورة (٢). وقد رواه أحمد بن حنبل ومسلم والنسائي وابن أبي حاتم من حديث معتمر بن سليمان به (٣).

وقوله تعالى: ﴿كَلَّا لَا تُطِعْهُ﴾ يعني: يا محمد لا تطعه فيما ينهاك عنه من المداومة على العبادة وكثرتها، وصلِّ حيث شئت، ولا تباله فإن الله حافظك وناصرك وهو يعصمك من الناس ﴿وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ﴾ كما ثبت في الصحيح عند مسلم من طريق عبد الله بن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن عمارة بن غزية، عن سُمي، عن أبي صالح، عن أبي هريرة أن رسول الله قال: "أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء" (٤) وتقدم أيضًا أن رسول الله كان يسجد في ﴿إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (١)[الانشقاق]، و ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (١)(٥).

[آخر تفسيرها] (٦).


(١) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وسنده ضعيف لضعف ابن حميد وهو محمد بن حميد الرازي وهو ضعيف. وقول ابن عباس الأخير يشهد له سابقه ولاحقه.
(٢) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وسنده صحيح.
(٣) المسند ٢/ ٣٧٠؛ وصحيح مسلم، صفات المنافقين، باب قوله: ﴿كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (٦) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى (٧)﴾ [العلق] (ح ٢٧٩٧)؛ والسنن الكبرى للنسائي، التفسير، سورة العلق (ح ١١٦٨٣).
(٤) أخرجه مسلم بسنده ومتنه (الصحيح، الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود ح ٤٨٢).
(٥) تقدم تخريجه في تفسير سورة الانشقاق.
(٦) زيادة من (ح) و (حم).