للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال الإمام أحمد: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، حدثنا أيوب، عن أبي قلابَة، عن أبي هُريرة قال: لما حضر رمضان قال رسول الله : "قد جاءكم شهر رمضان، افترض الله عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب الجنة، وتغلق فيه أبواب الجحيم، وتُغلُّ فيه الشياطين، فيه ليلة خير من ألف شهر، من حُرِم خَيرَها فقد حُرِم" (١).

ورواه النسائي، من حديث أيوب، به (٢).

ولما كانت ليلة القدر تعدل عبادتها عبادة ألف شهر، ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة أن رسول الله قال: "من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّم من ذنبه" (٣).

وقوله: ﴿تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (٤)﴾ أي: يكثر تَنَزُّلُ الملائكة في هذه الليلة لكثرة بركتها، والملائكة يتنزلون مع تنزل البركة والرحمة، كما يتنزلون عند تلاوة القرآن ويحيطون بحلَق الذكر، ويضعون أجنحتهم لطالب العلم بصدق تعظيمًا له.

وأما الروح فقيل: المراد به هاهنا جبريل ، فيكون من باب عطف الخاص على العام. وقيل: هم ضرب من الملائكة. كما تقدم في سورة "النبأ". والله أعلم.

وقوله: ﴿مِنْ كُلِّ أَمْرٍ﴾ قال مجاهد: سلام هي من كل أمر (٤).

وقال سعيد بن منصور: حدثنا عيسى بن يونس، حدثنا الأعمش، عن مجاهد في قوله: ﴿سَلَامٌ هِيَ﴾ قال: هي سالمة، لا يستطيع الشيطان أن يعمل فيها سوءًا أو يعمل فيها أذى (٥).

وقال قتادة وغيره: تقضى فيها الأمور، وتقدر الآجال والأرزاق، كما قال تعالى: ﴿فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (٤)(٦) [الدخان].

وقوله: ﴿سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (٥)﴾ قال سعيد بن منصور: حدثنا هُشَيْم، عن أبي إسحاق، عن الشعبي في قوله تعالى: ﴿مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (٤) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (٥)﴾ قال: تسليم والملائكة ليلة القدر على أهل المساجد، حتى يطلع الفجر (٧).

وروى ابن جرير، عن ابن عباس أنه كان يقرأ: "من كل امرئ. سلام هي حتى مطلع الفجر" (٨).

وروى البيهقي في كتابه "فضائل الأوقات" عن عليٍّ أثرًا غريبًا في نزول الملائكة، ومرورهم على المصلين ليلة القدر، وحصول البركة للمصلين (٩).


(١) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه، وصحح سنده محققوه. (المسند ١٢/ ٥٩ ح ٧١٤٨).
(٢) سنن النسائي، الصيام، باب ذكر الاختلاف على معمر فيه ٤/ ١٢٩.
(٣) صحيح البخاري، الصوم، باب من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا (ح ١٩٠١)؛ وصحيح مسلم، صلاة المسافرين، الترغيب في قيام رمضان (ح ٧٦٠).
(٤) أخرجه الطبري من طريق جابر عن مجاهد، وسنده ضعيف لضعف جابر وهو الجعفي.
(٥) سنده صحيح.
(٦) أخرجه عبد الرزاق والطبري بسند صحيح من طريق معمر عن قتادة.
(٧) سنده صحيح.
(٨) أخرجه الطبري بسنده ضعيف جدًّا من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس، والقراءة شاذة تفسيرية.
(٩) أخرجه البيهقي بسند ضعيف جدًّا فيه سيف بن عمر. (فضائل الأوقات ص ٢٥٣ رقم ١١٠).