للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الْقَدْرِ (١) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (٢) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (٣)﴾ التي لبس ذلك الرجل السلاح في سبيل الله ألف شهر (١).

وقال ابن جرير: حدثنا ابن حميد، حدثنا حَكَّام بن سَلْم، عن المثنى بن الصباح، عن مجاهد قال: كان في بني إسرائيل رجل يقوم الليل حتى يصبح، ثم يجاهد العدو بالنهار حتى يمسي، ففعل ذلك ألف شهر، فأنزل الله هذه الآية: ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (٣)﴾ قيام تلك الليلة خير من عمل ذلك الرجل (٢).

وقال ابن أبي حاتم: أخبرنا يونس، أخبرنا ابن وهب، حدثني مسلمة بن عُلَيّ، عن علي بن عروة قال: ذكر رسول الله يومًا أربعة من بني إسرائيل، عبدوا الله ثمانين عامًا، لم يَعْصوه طرفة عين: فذكر أيوب، وزكريا، وحزْقيل بن العجوز، ويوشع بن نون - قال: فعجب أصحاب رسول الله من ذلك، فأتاه جبريل فقال: يا محمد، عَجِبَتْ أُمتك من عبادة هؤلاء النفر ثمانين سنة، لم يَعْصُوه طرفة عين؛ فقد أنزل الله خيرًا من ذلك. فقرأ عليه: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (١) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (٢) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (٣)﴾ هذا أفضل مما عجبت أنت وأُمتك. قال: فَسُرَّ بذلك رسول الله والناس معه (٣).

وقال سفيان الثوري: بَلَغني عن مجاهد: ليلةُ القدر خير من ألف شهر. قال: عَمَلها، صيامها وقيامها خير من ألف شهر. رواه ابن جرير (٤).

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو زُرْعَة، حدثنا إبراهيم بن موسى، أخبرنا ابن أبي زائدة، عن ابن جُرَيج، عن مجاهد: ليلة القدر خير من ألف شهر -ليس في تلك الشهور ليلة القدر- (٥). وهكذا قال قتادة بن دعامة، والشافعي، وغير واحد.

وقال عمرو بن قيس الملائي: عمل فيها خير من عمل ألف شهر (٦).

وهذا القول بأنها أفضل من عبادة ألف شهر -وليس فيها ليلة القدر- هو اختيارُ ابن جرير. وهو الصواب لا ما عداه، وهو كقوله : "رِباطُ ليلة في سبيل الله خَيْر من ألف ليلة فيما سواه من المنازل". رواه أحمد (٧). وكما جاء في قاصد الجمعة بهيئة حسنة، ونية صالحة: "أنه يُكتَبُ له عمل سنة، أجر صيامها وقيامها" (٨) إلى غير ذلك من المعاني المشابهة لذلك.


(١) أخرجه الواحدي مرسلًا أيضًا (أسباب النزول ص ٤٩٥) وسنده ضعيف بسبب إرساله.
(٢) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وسنده ضعيف لأنه مرسل.
(٣) سنده ضعيف جدًّا وهو معضل لأن علي بن عروة متروك من (التقريب ص ٤٠٣).
(٤) أخرجه الطبري من طريق الثوري به، وسنده ضعيف لإبهام شيخ الثوري، ومعناه صحيح.
(٥) سنده ضعيف لأن ابن جريج لم يسمع من مجاهد.
(٦) أخرجه الطبري بسند فيه ابن حميد وهو محمد بن حميد الرازي وهو ضعيف، ومعناه صحيح.
(٧) أخرجه الإمام أحمد من حديث عثمان ، وحسن سنده محققوه بالمتابعات (المسند ١/ ٤٩٥ ح ٤٤٢).
(٨) أخرجه أبو داود من حديث أوس بن أوس الثقفي . (السنن، الطهارة، باب الغسل يوم الجمعة ح ٣٤٥)؟ وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (ح ٣٣٣)؛ وأخرجه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي (المستدرك ١/ ٢٨١).