للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حتى رأيت أثر الطين والماء على جبهة رسول الله تصديق رؤياه (١). وفي لفظ: "في صبح إحدى وعشرين" أخرجاه في الصحيحين.

قال الشافعي: وهذا الحديث أصح الروايات.

وقيل: ليلة ثلاث وعشرين؛ لحديث عبد الله بن أنيس في "صحيح مسلم" (٢) وهو قريب السياق من رواية أبي سعيد، فالله أعلم.

وقيل: ليلة أربع وعشرين، قال أبو داود الطيالسي: حدثنا حماد بن سلمة، عن الجُرَيري، عن أبي نَضْرَة، عن أبي سعيد؛ أن رسول الله قال: "ليلة القدر ليلة أربع وعشرين" (٣). إسناد رجاله ثقات.

وقال أحمد: حدثنا موسى بن داود، حدثنا ابن لَهِيعة، عن يزيد بن أبي حَبِيب، عن أبي الخير، عن الصنابحي، عن بلال قال: قال رسول الله : "ليلة القدر ليلة أربع وعشرين" (٤).

ابن لهيعة ضعيف. وقد خالفه ما رواه البخاري عن أصبغ، عن ابن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير، عن أبي عبد الله الصنابحي قال: قال أخبرني بلال -مؤذنُ رسول الله - أنها أول السبع من العشر الأواخر (٥)، فهذا الموقوف أصح، والله أعلم. وهكذا رُوي عن ابن مسعود، وابن عباس، وجابر، والحسن، وقتادة، وعبد الله بن وهب: أنها ليلة أربع وعشرين. وقد تقدم في سورة "البقرة" حديث واثلة بن الأسقع مرفوعًا: "إن القرآن أنزل ليلة أربع وعشرين" (٦).

وقيل: تكون ليلة خمس وعشرين: لما رواه البخاري، عن عبد الله بن عباس: أن رسول الله قال: "التمسوها في العشر الأواخر من رمضان، في تاسعة تبقى، في سابعة تبقى، في خامسة تبقى" (٧). فَسَّره كثيرون بليالي الأوتار، وهو أظهر وأشهر. وحمله آخرون على الإشفاع كما رواه مسلم، عن أبي سعيد (٨)، أنه حمله على ذلك. والله أعلم.

وقيل: إنها تكون ليلة سبع وعشرين؛ لما رواه مسلم في صحيحه عن أُبي بن كعب، عن


(١) صحيح البخاري، الأذان، باب السجود على الأنف والسجود على الطين (ح ٨١٣)؛ وصحيح مسلم، الصيام، باب فضل ليلة القدر (ح ١١٦٧).
(٢) المصدر السابق (ح ١١٦٨).
(٣) أخرجه الطيالسي بسنده ومتنه (المسند ص ٢٨٨ ح ٢١٦٧) وكما قال الحافظ ابن كثير: رجاله ثقات، ولكن حماد بن سلمة تردد فيه فقد أخرج الطيالسي عن حماد بن سلمة عن حميد عن أبي نضرة عن أبي سعيد مرفوعًا بلفظ: "التمسوها لسبع بقين أو خمس بقين أو ثلاث بقين". (المسند ص ٢٨٨ ح ٢١٦٦). ومن الجدير بالذكر أن حماد بن سلمة ساء حفظه لما كبر. (ينظر تهذيب التهذيب ٤/ ٦، ٧).
(٤) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه، وضعف سنده محققوه. (المسند ٣٩/ ٣٢٣ ح ٢٣٨٩٠).
(٥) أخرجه البخاري بسنده ومتنه وأطول (الصحيح، المغازي، باب ٨٨ ح ٤٤٧٠).
(٦) تقدم تخريجه في تفسير سورة البقرة آية ١٨٥.
(٧) صحيح البخاري، فضل ليلة القدر، باب تحري ليلة القدر. (ح ٢٠٢١).
(٨) صحيح مسلم، الصيام، باب فضل ليلة القدر (ح ١١٦٧).