للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رسول الله : "إنها ليلة سبع وعشرين" (١).

قال الإمام أحمد: حدثنا سفيان: سمعت عبدة وعاصمًا، عن زِرّ: سألت أُبيَّ بن كعب قلت: أبا المنذر، إن أخاك ابن مسعود يقول: من يُقِمُ الحَولَ يُصبْ ليلة القدر. قال: يرحمه الله، لقد علم أنها في شهر رمضان، وأنها ليلة سبع وعشرين. ثم حلف. قلت: وكيف تعلمون ذلك؟ قال: بالعلامة -أو: بالآية- التي أخبرنا بها، تطلع ذلك اليوم لا شعاع لها، أعني الشمس (٢).

وقد رواه مسلم من طريق سفيان بن عيينة وشعبة والأوزاعي، عن عبدة، عن زِرّ، عن أُبي، فذكره، وفيه: فقال: والله الذي لا إله إلا هو، إنها لفي رمضان -يحلف بما يستثني- والله إني لأعلم؛ أي: ليلة القدر هي التي أمرنا رسول الله بقيامها، هي ليلة سبع وعشرين، وأمارتها أن تطلع الشمس في صبيحة يومها بيضاء لا شعاع لها (٣).

وفي الباب عن معاوية، وابن عمر، وابن عباس، وغيرهم، عن رسول الله : أنها ليلة سبع وعشرين. وهو قول طائفة من السلف، وهو الجَادّة من مذهب أحمد بن حنبل ، وهو رواية عن أبي حنيفة أيضًا. وقد حُكِيَ عن بعض السلف أنه حاول استخراج كونها ليلة سبع وعشرين من القرآن، من قوله: ﴿هِيَ﴾ لأنها الكلمة السابعة والعشرون من السورة (٤)، والله أعلم.

وقد قال الحافظ أبو القاسم الطبراني: حدثنا إسحاق بن إبراهيم الدَّبري، أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا مَعْمَر، عن قتادة وعاصم: أنهما سمعا عكرمة يقول: قال ابن عباس: دعا عمر بن الخطاب أصحاب محمد : فسألهم عن ليلة القدر، فأجمعوا على أنها في العشر الأواخر. قال ابن عباس: فقلت لعمر: إني لأعلم -أو: إني لأظن- أي ليلة القدر هي؟ فقال عمر: أي ليلة هي؟ فقلت: سابعة تمضي -أو: سابعة تبقى- من العشر الأواخر. فقال عمر: ومن أين علمت ذلك؟ قال ابن عباس: فقلت: خلق الله سبع سموات، وسبع أرضين، وسبعة أيام، وإن الشهر يدور على سبع، وخلق الإنسان من سبع، ويأكل من سبع، ويسجد على سبع، والطواف بالبيت سبع، ورمي الجمار سبع. . . لأشياء ذكرها. فقال عمر: لقد فطنت لأمر ما فطنا له. وكان قتادة يَزيد، عن ابن عباس في قوله: ويأكل من سبع، قال: هو قول الله تعالى: ﴿فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا (٢٧) وَعِنَبًا وَقَضْبًا (٢٨)(٥) [عبس].

وهذا إسناد جيد قوي، ومتن غريب جدًّا، والله أعلم.

وقيل: إنها تكون في ليلة تسع وعشرين. قال أحمد بن حنبل: حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم، حدثنا سعيد بن سلمة، حدثنا عبد الله بن محمد بن عقيل، عن عُمرَ بن عبد الرحمن، عن عبادة بن الصامت: أنه سأل رسول الله عن ليلة القدر، فقال رسول الله : "في رمضان،


(١) المصدر السابق (ح ١١٦٩/ ٢٢٠).
(٢) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه، وصحح سنده محققوه (المسند ٣٥/ ١٢١، ١٢٢ ح ٢١١٩٣).
(٣) صحيح مسلم، صلاة المسافرين، باب الترغيب في قيام رمضان (ح ٧٦٢).
(٤) ذكره ابن جزي في التسهيل في تفسير سورة القدر.
(٥) أخرجه الطبراني بسنده ومتنه (المعجم الكبير ١٠/ ٣٢٢ ح ١٠٦١٨) وسنده ضعيف لأن رواية إسحاق بن إبراهيم الدبري عن عبد الرزاق فيها مناكير وتصحيفات. (ينظر لسان الميزان ١/ ٣٤٩، ٣٥٠).