للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رسول الله إذا بقي عشر من رمضان شَدَّ مئزره، واعتزل نساءه انفرد به أحمد (١).

وقد حكي عن مالك ، أن جميع ليالي العشر في تطلب ليلة القدر على السواء، لا يترجح منها ليلة على أخرى: رأيته في شرح الرافعي .

والمستحب الإكثار من الدعاء في جميع الأوقات، وفي شهر رمضان أكثر، وفي العشر الأخير منه، ثم في أوتاره أكثر. والمستحب أن يكثر من هذا الدعاء: "اللَّهم، إنك عَفُوٌّ تحب العفو، فاعف عني"؛ لما رواه الإمام أحمد: حدثنا يزيد -هو ابن هارون- حدثنا الجريري -وهو سعيد بن إياس- عن عبد الله بن بُريدة، أن عائشة قالت: يا رسول الله، إن وافقت ليلة القدر فما أدعو؟ قال: "قولي: اللَّهم إنك عفو تحب العفو، فاعف عني" (٢).

وقد رواه الترمذي، والنسائي، وابن ماجه، من طريق كَهْمَس بن الحسن، عن عبد الله بن بريدة، عن عائشة قالت: قلت: يا رسول الله، أرأيت إن علمْتُ أي ليلة القدر، ما أقول فيها؟ قال: "قولي: اللَّهم، إنك عَفُو تحب العفو، فاعف عني" (٣).

وهذا لفظ الترمذي، ثم قال: "هذا حديث حسن صحيح". وأخرجه الحاكم في مستدركه، وقال: هذا صحيح على شرط الشيخين (٤). ورواه النسائي أيضًا من طريق سفيان الثوري، عن علقمة بن مَرثَد، عن سليمان بن بُرَيدة، عن عائشة قالت: يا رسول الله، أرأيتَ إن وافقتُ ليلة القدر، ما أقول فيها؟ قال: "قولي: اللَّهم، إنك عَفُو تحب العفو، فاعف عني" (٥).

ذكر أثر غريب ونبأ عجيب، يتعلق بليلة القدر، رواه الإمام أبو محمد بن أبي حاتم، عند تفسير هذه السورة الكريمة فقال:

حدثنا أبي، حدثنا عبد الله بن أبي زياد القَطواني، حدثنا سيار بن حاتم، حدثنا موسى بن سعيد -يعني: الراسبي- عن هلال أبي جبلة، عن أبي عبد السلام، عن أبيه، عن كعب أنه قال: إن سدرة المنتهى على حد السماء السابعة، مما يلي الجنة، فهي على حَدّ هواء الدنيا وهواء الآخرة، [عُلوها] (٦) في الجنة، وعروقها وأغصانها من تحت الكرسي، فيها ملائكة لا يعلم عدّتهم إلا الله ﷿، يعبدون الله ﷿، على أغصانها في كل موضع شعرة منها ملك. ومقام جبريل ، في وسطها، فينادي الله جبريل أن ينزل في كل ليلة قَدْر مع الملائكة الذين يسكنون


(١) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه، وقال محققوه: حديث صحيح دون قوله: "واعتزل أهله" فحسن لغيره. (المسند ٤٠/ ٤٣٩ ح ٢٤٣٧٧).
(٢) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه، وصحح سنده محققوه. (المسند ٤٢/ ٣١٦ ح ٢٥٤٩٥).
(٣) سنن الترمذي، الدعوات، باب أي الدعاء أفضل (ح ٢٥٠٨)؛ والسنن الكبرى للنسائي، النعوت، باب العفو (ح ٧٧١٢)؛ وسنن ابن ماجه، الدعاء، باب الدعاء بالعفو والعافية (ح ٣٨٥٠)؛ وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه (ح ٣١٠٥).
(٤) ووافقه الذهبي. (المستدرك ١/ ٥٣٠).
(٥) السنن الكبرى، عمل اليوم والليلة (ح ١٠٧١٣) وسنده كسابقه.
(٦) زيادة من (حم).