للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المشركة ولا اليهودية ولا النصرانية، ومن يفعل خيرًا فلن يكفره (١).

ورواه الترمذي من حديث أبي داود الطيالسي، عن شعبة، به. وقال: حسن صحيح (٢).

طريق أخرى: قال الحافظ أبو القاسم الطبراني: حدثنا أحمد بن خليد الحلبي، حدثنا محمد بن عيسى الطباع، حدثنا معاذ بن محمد بن معاذ بن أُبي بن كعب، عن أبيه، عن جده، عن أُبي بن كعب قال: قال رسول الله : "يا أبا المنذر، إني أمرت أن أعرض عليك القرآن". قال: بالله آمنت، وعلى يدك أسلمت، ومنك تعلمت. قال: فردَّ النبي القول: فقال: يا رسول الله، أذكرت هناك؟ قال: "نعم، باسمك ونسبك في الملأ الأعلى". قال: فاقرأ إذًا يا رسول الله (٣).

هذا غريب من هذا الوجه، والثابت ما تقدم. وإنما قرأ عليه النبي هذه السورة تثبيتًا له، وزيادة لإيمانه، فإنه -كما رواه أحمد والنسائي، من طريق أنس، عنه (٤)، ورواه أحمد وأبو داود، من حديث سليمان بن صُرَد عنه (٥)، ورواه أحمد عن عفان، عن حماد، عن حميد، عن أنس، عن عبادة بن الصامت، عنه (٦)، ورواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي، من حديث إسماعيل بن أبي خالد، عن عبد الله بن عيسى، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عنه (٧)، كان قد أنكر على إنسان، وهو: عبد الله بن مسعود، قراءة شيء من القرآن على خلاف ما أقرأه رسول الله فرفعه إلى النبي فاستقرأهما، وقال، لكل منهما: "أصبت". قال أُبي: فأخذني من الشك ولا إذ كنت في الجاهلية. فضرب رسول الله في صدره، قال أُبي: فَفضْتُ عَرَقًا، وكأنما أنظر إلى الله فرقًا. وأخبره رسول الله أن جبريل أتاه فقال: إن الله يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على حرف. فقلت: "أسأل الله معافاته ومغفرته". فقال: على حرفين. فلم يزل حتى قال: إن الله يأمرك أن تقرئ أُمتك القرآن على سبعة أحرف. كما قدمنا ذكر هذا الحديث بطرقه وألفاظه فى أول التفسير. فلما نزلت هذه السورة الكريمة وفيها: ﴿رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً (٢) فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ (٣)﴾، قرأها عليه رسول الله قراءة إبلاع وتثبيت وإنذار، لا قراءة تعلم واستذكار، والله أعلم.

وهذا كما أن عمر بن الخطاب لما سأل رسول الله يوم الحديبية عن تلك الأسئلة، وكان فيما قال: أو لم تكن تخبرنا أنا سنأتي البيت ونطوف به؟ [قال: "بلى، أفأخبرتك أنك تأتيه


(١) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه. (المسند ٥/ ١٣١)، وسنده حسن.
(٢) سنن الترمذي، المناقب، باب مناقب معاذ بن جبل وزيد بن ثابت وأُبي .. (ح ٣٧٩٣)، وسنده كسابقه.
(٣) أخرجه الطبراني بسنده ومتنه. (المعجم الكبير ١/ ٢٠٠ ح ٥٣٩)، وسنده ضعيف لجهالة محمد بن معاذ بن أُبي. (التقريب ص ٥٠٧).
(٤) المسند ٥/ ١١٤؛ وسنن النسائي، الافتتاح، باب جامع ما جاء في القرآن ٢/ ١٥٤.
(٥) المسند ٥/ ١٢٤؛ وسنن أبي داود، الصلاة، باب أنزل القرآن على سبعة أحرف (ح ١٤٧٧)؛ وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (ح ١٣١٠).
(٦) المسند ٥/ ١١٤.
(٧) المسند ٥/ ١٢٧؛ وصحيح مسلم، صلاة المسافرين، باب بيان أن القرآن على سبعة أحرف (ح ٨٢٠)، وسنن أبي داود، الباب السابق (ح ١٤٧٨)؛ وسنن النسائي، الافتتاح باب جامع ما جاء في القرآن ٢/ ١٥٣.