للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عامك هذا؟ ". قال: لا، قال: "فإنك آتيه، ومُطوَّف به"] (١). فلما رجعوا من الحديبية، وأنزل الله على النبي سورة "الفتح"، دعا عمر بن الخطاب وقرأها عليه، وفيها قوله: ﴿لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ﴾ الآية [الفتح: ٢٧]، كما تقدم (٢).

وروى الحافظ أبو نُعَيم في كتابه "أسماء الصحابة" من طريق محمد بن إسماعيل الجعفري المدني: حدثنا عبد الله بن سلمة بن أسلم، عن ابن شهاب، عن إسماعيل بن أبي حكيم المدني، حدثني فُضَيل، سمعت رسول الله يقول: "إن الله ليسمع قراءة ﴿لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾، فيقول: أبشر عبدي، فوعزتي لأمكننه لك في الجنة حتى ترضى" (٣).

حديث غريب جدًّا. وقد رواه الحافظ أبو موسى المديني وابن الأثير، من طريق الزهري، عن إسماعيل بن أبي حكيم، عن نَظير المزني -أو: المدني- عن النبي : "إن الله ليسمع قراءة ﴿لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ ويقول: أبشر عبدي، فوعزتي لا أنساك على حال من أحوال الدنيا والآخرة، ولأُمكننَّ لك في الجنة حتى ترضى" (٤).

﴿مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ (١) رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً (٢) فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ (٣) وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ (٤) وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (٥)﴾.

أما أهل الكتاب فهم: اليهود والنصارى، والمشركون: عَبَدةُ الأوثان والنيران، من العرب ومن العجم.

وقال مجاهد: لم يكونوا ﴿مُنْفَكِّينَ﴾ يعني: منتهين حتى يتبين لهم الحق (٥). وكذا قال قتادة (٦).

﴿حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ﴾ أي: هذا القرآن؛ ولهذا قال تعالى: ﴿لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ (١)﴾. ثم فسر البينة بقوله: ﴿رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً (٢)﴾ يعني: محمدًا ، وما يتلوه من القرآن العظيم، الذي هو مكتتب في الملأ الأعلى، في صحف مطهرة كقوله: ﴿فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ (١٣) مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ (١٤) بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (١٥) كِرَامٍ بَرَرَةٍ (١٦)[عبس].

وقوله: ﴿فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ (٣)﴾ قال ابن جرير: أي في الصحف المطهرة كتب من الله قيمة: عادلة مستقيمة، ليس فيها خطأ؛ لأنها من عند الله ﷿ (٧).


(١) زيادة من (ح) و (حم).
(٢) تقدم تخريجه في تفسير سورة الفتح آية ٢٧.
(٣) سنده ضعيف لأن إسماعيل بن أبي حكيم لم يسمع أحدًا من الصحابة فهو من الطبقة السادسة. (التقريب ص ١٠٧)، وقال الحافظ ابن حجر: عبد الله بن سلمة واهي الحديث. (الإصابة ٣/ ٥٢٨).
(٤) أسد الغابة ٥/ ٣٢٥، وسنده كسابقه.
(٥) أخرجه آدم والطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.
(٦) أخرجه عبد الرزاق والطبري بسند صحيح من طريق معمر عن قتادة.
(٧) ذكره الطبري بلفظه وأطول.