للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من الزلزال الذي لا محيد لها عنه، ثم ألقت ما في بطنها من الأموات من الأولين والآخرين، وحينئذ استنكر الناس أمرها وتبدلت الأرض غير الأرض والسماوات، وبرزوا لله الواحد القهار.

وقوله: ﴿يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا (٤)﴾ أي: تحدث بما عمل العاملون على ظهرها.

قال الإمام أحمد: حدثنا إبراهيم، حدثنا ابن المبارك، وقال الترمذي وأبو عبد الرحمن النسائي، واللفظ له: حدثنا سُوَيد بن نصر، أخبرنا عبد الله -هو ابن المبارك- عن سعيد بن أبي أيوب، عن يحيى بن أبي سليمان، عن سعيد المقْبُرِي، عن أبي هريرة قال: قرأ رسول الله هذه الآية: ﴿يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا (٤)﴾ قال: "أتدرون ما أخبارها؟ ". قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: "فإن أخبارها أن تشهد على كل عبد وأمة بما عَمِل على ظهرها، أن تقول: عمل كذا وكذا، يوم كذا وكذا، فهذه أخبارها" (١).

ثم قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب.

وفي معجم الطبراني من حديث ابن لَهِيعة: حدثني الحارث بن يزيد -سمع ربيعة الجُرَشي-: أن رسول الله قال: "تحفظوا من الأرض، فإنها أُمكم، وإنه ليس من أحد عامل عليها خيرًا أو شرًّا، إلا وهي مُخبرة" (٢).

وقوله: ﴿بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا (٥)﴾ قال البخاري: أوحى لها وأوحى إليها، ووحى لها ووحى إليها: واحد (٣). وكذا قال ابن عباس: ﴿أَوْحَى لَهَا﴾ أي: أوحى إليها (٤).

والظاهر أن هذا مُضَمَّنُ [بمعنى] (٥) أذن لها.

وقال شبيب بن بشر، عن عكرمة، عن ابن عباس: ﴿يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا (٤)﴾ قال: قال لها ربها: قولي، فقالت (٦).

وقال مجاهد: ﴿أَوْحَى لَهَا﴾ أي: أمرها (٧).

وقال القُرَظي: أمرها أن تنشق عنهم.

وقوله: ﴿يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا﴾ أي: يرجعون عن موقف الحساب، ﴿أَشْتَاتًا﴾ أي: أنواعًا وأصنافًا، ما بين شقي وسعيد، مأمور به إلى الجنة، ومأمور به إلى النار.


(١) أخرجه الإمام أحمد بسنده بنحوه، وضعف سنده محققوه. (المسند ١٤/ ٤٥٥ ح ٨٨٦٧)؛ وأخرجه الترمذي، (السنن، التفسير، باب ومن سورة ﴿إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا (١)﴾ [الزلزلة] ح ٣٣٥٢)؛ والنسائي (السنن الكبرى، التفسير، سورة الزلزلة ح ١١٦٩٣)؛ وضعفه الألباني في ضعيف سنن الترمذي (ح ٦٦٤)؛ وأخرجه الحاكم وصححه وتعقبه الذهبي بقوله: يحيى هذا منكر الحديث. قاله البخاري. (المستدرك ٢/ ٥٣٢).
(٢) أخرجه الطبراني من طريق ابن لهيعة به. (المعجم الكبير ٥/ ٦٥ ح ٤٥٩٦)؛ وأعله الهيثمي بابن لهيعة. (مجمع الزوائد ١/ ٢٤١).
(٣) ذكره البخاري (الصحيح، التفسير، باب سورة ﴿إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا (١)﴾ قبل حديث رقم ٤٩٦٢.
(٤) أخرجه الطبري بسند حسن من طريق عكرمة عن ابن عباس.
(٥) زيادة من (ح) و (حم).
(٦) أخرجه الطبري من طريق شبيب به بلفظ: "أوحى إليها". وسنده حسن.
(٧) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.