للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال ابن جريج: يتصدعون أشتاتًا فلا يجتمعون آخر ما عليهم.

وقال السُّدِّي: ﴿أَشْتَاتًا﴾ فرقًا.

وقوله تعالى: ﴿لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ﴾ أي: ليعملوا ويجازوا بما عملوه في الدنيا، من خير وشر. ولهذا قال: ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (٨)﴾.

قال البخاري: حدثنا إسماعيل بن عبد الله، حدثني مالك، عن يزيد بن أسلم، عن أبي صالح السَّمان، عن أبي هُرَيرة: أن رسول الله قال: "الخيل لثلاثة: لرجل أجر، ولرجل ستر، وعلى رجل وزر؛ فأما الذي له أجر، فرجل ربطها في سبيل الله فأطال طَيلها في مرج أو روضة، فما أصابت في طبلها ذلك في المرج والروضة كان له حسنات، ولو أنها قطعت طيلها فاستنَّت شَرَفًا أو شرفين، كانت آثارها وأرواثها حسنات له، ولو أنها مرت بنهر فشربت منه ولم يرد أن يَسقيَ به كان ذلك حسنات له، وهي لذلك الرجل أجر. ورجل ربطها تَغَنيا وتعففا، ولم ينس حق الله في رقابها ولا ظهورها، فهي له ستر. ورجل ربطها فخرًا ورئاء ونواء، فهي على ذلك وزر". فسُئل رسول الله عن الحُمُر، فقال: "ما أنزل الله فيها شيئًا إلا هذه الآية الفاذة الجامعة: ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (٧)﴾ " (١).

ورواه مسلم، من حديث زيد بن أسلم، به (٢).

وقال الإمام أحمد: حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا جرير بن حازم، حدثنا الحسن، عن صعصعة بن معاوية -عمِّ الفرزدق-: أنه أتى النبي فقرأ عليه: ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (٨)﴾، قال: حسبي! لا أبالي ألَّا أسمع غيرها (٣).

وهكذا رواه النسائي في التفسير، عن إبراهيم بن يونس بن محمد المؤدب، عن أبيه، عن جرير بن حازم، عن الحسن البصري قال: حدثنا صعصعةُ عمُّ الفرزدق، فذكره (٤).

وفي صحيح البخاري، عن عَدي مرفوعًا: "اتقوا النار ولو بِشِقِّ تمرة، [ولو بكلمة طيبة] " (٥) (٦). وفي الصحيح: "لا تَحْقِرَنَّ من المعروف شيئًا ولو أن تفرغ من دلوك في إناء المستسقي، ولو أن تلقى أخاك ووجهك إليه منبسط" (٧).

وفي الصحيح أيضًا: "يا نساء المؤمنات، لا تحقرن جارة لجارتها ولو فِرْسَنَ شاة" (٨) يعني: ظلفها.


(١) أخرجه البخاري بسنده ومتنه. (الصحيح، التفسير، سورة الزلزلة ح ٤٩٦٢).
(٢) صحيح مسلم، الزكاة، باب إثم مانع الزكاة (ح ٩٨٧).
(٣) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه. (المسند ٣٤/ ٢٠٠ ح ٢٠٥٩٣)، وصحح سنده محققوه.
(٤) السنن الكبرى، التفسير، باب سورة الزلزلة (ح ١١٦٩٤).
(٥) كذا في (ح) و (حم) وصحيح البخاري، وفي الأصل بياض.
(٦) صحيح البخاري، الرقاب، باب من نوقش الحساب عذب (ح ٦٥٤٠).
(٧) أخرجه الإمام أحمد من حديث أبي جُريِّ الهجيمي، وصحح سنده محققوه. (المسند ٣٤/ ٢٣٦ ح ٢٠٦٣٣).
(٨) أخرجه الشيخان من حديث أبي هريرة. (صحيح البخاري، الهبة، ح ٢٥٦٦)؛ وصحيح مسلم، الزكاة، باب الحث على الصدقة (ح ١٠٣٠).