للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال ابن إسحاق: فلما بعث الله محمدًا كان فيما يَعُد به على قريش من نعمه عليهم وفضله، ما رَدّ عنهم من أمر الحبشة، لبقاء أمرهم ومدتهم، فقال: ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ (١) أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ (٢) وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ (٣) تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ (٤) فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ (٥)﴾. ﴿لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ (١) إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ (٢) فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (٣) الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ (٤)[قريش] أي: لئلا يغير شيئًا من حالهم التي كانوا عليها، لما أراد الله بهم من الخير لو قبلوه.

قال ابن هشام: الأبابيل: الجماعات، ولم تتكلم العرب بواحدة. قال: وأما السجيل، فأخبرني يونس النحوي وأبو عبيدة أنه عند العرب: الشديد الصلب. قال: وذكر بعض المفسرين أنهما كلمتان بالفارسية، جعلتهما العرب كلمة واحدة، وإنما هو سَنْج وجل يعني بالسنج: الحجر، والجِلَ: الطين. يقول: الحجارة من هذين الجنسين: الحجر والطين. قال: والعصفُ: ورقُ الزرع الذي لم يُقضب، واحدته عصفة. انتهى ما ذكره (١).

وقد قال حماد بن سلمة: عن عاصم، عن زرٍّ، عن عبد الله -وأبو سلمة بن عبد الرحمن-: ﴿طَيْرًا أَبَابِيلَ﴾ قال: الفِرَق (٢).

وقال ابن عباس، والضحاك: أبابيل يتبع بعضها بعضًا (٣).

وقال الحسن البصري، وقتادة: الأبابيل: الكثيرة (٤).

وقال مجاهد: ﴿أَبَابِيلَ﴾: شتى متتابعة مجتمعة (٥).

وقال ابن زيد: الأبابيل: المختلفة، تأتي من هاهنا، ومن هاهنا، أتتهم من كل مكان (٦).

وقال الكسائي: سمعت بعض النحويين يقول: واحد الأبابيل: إبيل (٧).

وقال ابن جرير: [حدثنا ابن المثنى] (٨)، حدثني عبد الأعلى، حدثني داود، عن إسحاق بن عبد الله بن الحارث بن نوفل؛ أنه قال في قوله: ﴿وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ (٣)﴾ هي: الأقاطيع، كالإبل المؤبَّلة (٩).


(١) السيرة النبوية ١/ ٥٤ - ٥٥.
(٢) أخرجه الطبري من طريق يحيى بن سعيد عن حماد بن سلمة به، وسنده حسن؛ وأخرجه البيهقي من طريق حماد بن سلمة به. (دلائل النبوة ١/ ١٢٣).
(٣) أخرجه الطبري والبيهقي من طريق ابن أبي طلحة عن ابن عباس، وسنده ثابت؛ وأخرجه الطبري من طريق عن الضحاك بسند فيه إبهام شيخ الطبري، ويتقوى بسابقه.
(٤) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق الفضل عن الحسن، ومعناه صحيح ويتقوى بسابقه ولاحقه. والفضل هو ابن دلهم البصري يروي عن الحسن ويروي عنه وكيع وهو لين. (التقريب ص ٤٤٦، والتهذيب ٨/ ٢٧٦ - ٢٧٧)؛ وأخرجه عبد الرزاق والطبري بسند صحيح من طريق معمر عن قتادة.
(٥) أخرجه آدم بن أبي إياس والطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.
(٦) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن وهب عن ابن زيد.
(٧) ذكره الطبري عن الكسائي بنحوه وأطول.
(٨) زيادة من تفسير الطبري.
(٩) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وسنده حسن.