للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نَوفل -هو ابن معاوية- عن أبيه، أن رسول الله قال له: "هل لك في ربيبة لنا تكفلها؟ " قال: أراها زينب. قال: ثم جاء فسأله النبي عنها، قال: "ما فعلت الجارية؟ " قال: تركتها عند أُمها. قال: فمجيء ما جاءك بك؟ قال: جئت لتعلمني شيئًا أقوله عند منامي. قال: "اقرأ: ﴿قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (١)﴾ ثم نُم على خاتمتها، فإنها براءة من الشرك". تفرد به أحمد (١).

وقال أبو القاسم الطبراني: حدثنا أحمد بن عَمرو القطراني، حدثنا محمد بن الطفيل، حدثنا شريك، عن أبي إسحاق، عن جبلة بن حارثة -وهو أخو زيد بن حارثة- أن النبي قال: "إذا أويت إلى فراشك فاقرأ: ﴿قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (١)﴾ حتى تمر بآخرها، فإنها براءة من الشرك" (٢).

وقال الإمام أحمد: حدثنا حجاج، حدثنا شريك، عن أبي إسحاق، عن فروة بن نوفل، عن الحارث بن جبلة قال: قلت: يا رسول الله، علمني شيئًا أقوله عند منامي. قال: "إذا أخذت مضجعَك من الليل فاقرأ: ﴿قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (١)﴾ فإنها براءة من الشرك" (٣).

وروى الطبراني من طريق شريك، عن جابر، عن معقل الزبيدي، عن [عباد أبي الأخضر عن خباب] (٤)، أن رسول الله كان إذا أخذ مضجعه قرأ: ﴿قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (١)﴾ حتى يختمها (٥).

﴿قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (١) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (٢) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (٣) وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ (٤) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (٥) لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (٦)﴾.

هذه السورة سورة البراءة من العمل الذي يعمله المشركون، وهي آمرة بالإخلاص فيه، فقوله: ﴿قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (١)﴾ شمل كل كافر على وجه الأرض، ولكن المواجهون بهذا الخطاب هم كفارُ قريش.

وقيل: إنهم من جهلهم دَعَوا رسول الله إلى عبادة أوثانهم سنة، ويعبدون معبوده سنة، فأنزل الله هذه السورة، وأمر رسوله فيها أن يتبرأ من دينهم بالكلية، فقال: ﴿لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (٢)﴾ يعني: من الأصنام والأنداد

﴿وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (٣)﴾ وهو الله وحده لا شريك له. فـ "ما" ههنا بمعنى: "من".

ثم قال: ﴿وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ (٤) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (٥)﴾ أي: ولا أعبد عبادتكم؛ أي: لا أسلكها ولا أقتدي بها، وإنما أعبد الله على الوجه الذي يحبه ويرضاه؛ ولهذا قال:


(١) أخرجه الإمام أحمد من طريق إسرائيل عن أبي إسحاق به، وقال محققوه: حديث حسن على اضطراب في إسناده. (المسند ٣٩/ ٢٢٤ ح ٢٣٨٠٧).
(٢) أخرجه الطبراني (المعجم الكبير ٤/ ٣٧٠٨١) ويشهد له سابقه.
(٣) ذكره الحافظ ابن حجر في أطراف المسند (٢/ ٢٢٠) ويشهد له قبل سابقه.
(٤) كذا في المعجم الكبير للطبراني، وفي الأصل: "عبد البر أخضر أو أحمر".
(٥) أخرجه الطبراني من طريق جابر الجعفي به (المعجم الكبير ٤/ ٩٣ ح ٣٧٠٨). وسنده ضعيف لضعف جابر الجعفي (مجمع الزوائد ١٠/ ١٢١).