للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال العوفي، عن ابن عباس في قوله: ﴿الْوَسْوَاسِ﴾ قال: هو الشيطان يأمر، فإذا أطيع خنس (١).

وقوله: ﴿الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (٥)﴾ هل يختص هذا ببني آدم -كما هو الظاهر- أو يعمُّ بني آدم والجن؟ فيه قولان، ويكونون قد دخلوا في لفظ الناس تغليبًا.

وقال ابن جرير: وقد استعمل فيهم (رجَالٌ منَ الجنّ) فلا بدع في إطلاق الناس عليهم (٢).

وقوله: ﴿مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (٦)﴾ هل هو تفصيل لقوله: ﴿الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (٥)﴾ ثم بينهم فقال: ﴿مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (٦)﴾ وهذا يقوي القول الثاني. وقيل قوله: ﴿مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (٦)﴾ تفسير للذي يُوسوس في صدور الناس، من شياطين الإنس والجن، كما قال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا﴾ [الأنعام: ١١٢] وكما قال الإمام أحمد: حدثنا وَكِيع، حدثنا المسعودي، حدثنا أبو عُمَر الدمشقي، حدثنا عبيد بن الخشخاش، عن أبي ذَرٍّ قال: أتيت رسول الله وهو في المسجد، فجلست، فقال: "يا أبا ذرّ، هل صليت؟ ". قلت: لا. قال: "قم فصل". قال: فقمت فصليت، ثم جلست فقال: "يا أبا ذر، تعوذ بالله من شر شياطين الإنس والجن".

قال: قلت: يا رسول الله، وللإنس شياطين؟ قال: "نعم". قال: قلت: يا رسول الله، الصلاة؟ قال: "خير موضوع، من شاء أقل، ومن شاء أكثر". قلت: يا رسول الله فما الصوم؟ قال: "فرض يجزئ، وعند الله مزيد". قلت: يا رسول الله، فالصدقة؟ قال: "أضعاف مضاعفة". قلت: يا رسول الله، أيها أفضل؟ قال: "جُهد من مُقل، أو سر إلى فقير". قلت: يا رسول الله؛ أي: الأنبياء كان أول؟ قال: "آدم". قلت: يا رسول الله، ونبي كان؟ قال: "نعم، نبي مُكَلَّم". قلت: يا رسول الله، كم المرسلون؟ قال: "ثلثمائة وبضعة عشر، جَمًّا غَفيرًا". وقال مرة: "خمسة عشر". قلت: يا رسول الله، أيما أنزل عليك أعظم؟ قال: "آية الكرسي: ﴿اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ﴾ [البقرة: ٢٥٥] (٣) ".

ورواه النسائي، من حديث أبي عمر الدمشقي، به (٤). وقد أخرج هذا الحديث مطولًا جدًّا أبو حاتم بن حبان في صحيحه، بطريق آخر، ولفظ آخر مطول جدًّا (٥)، فالله أعلم.

وقال الإمام أحمد: حدثنا وَكِيع، عن سفيان، عن منصور، عن ذرِّ بن عبد الله الهَمْداني، عن عبد الله بن شداد، عن ابن عباس قال: جاء رجل إلى النبي فقال: يا رسول الله، إني أحدث


(١) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق العوفي به.
(٢) ذكره الطبري بنحوه.
(٣) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه، وقال محققوه: إسناده ضعيف جدًّا لجهالة عبيد بن الخشخاش ولضعف أبي عمر الدمشقي. (المسند ٣٥/ ٤٣١، ٤٣٢ ح ٢١٥٤٦).
(٤) أخرجه النسائي مقتصرًا على بدايته في ذكر الاستعاذة (السنن، كتاب الاستعاذة ٨/ ٣١٦) وسنده ضعيف كسابقه.
(٥) الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان ٢/ ٧٦ ح ٣٦١٠ وسنده ضعيف جدًّا لأن فيه إبراهيم بن هشام الغساني الدمشقي وهو كذاب (ميزان الاعتدال ١/ ٧٣٩).