للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وثبت في الصحيح، عن أنس في قصة زيارة صفية النبي وهو معتكف، وخروجه معها ليلًا ليردها إلى منزلها، فلقيه رجلان من الأنصار، فلما رأيا رسول الله أسرعا، فقال رسول الله: "على رسلكما، إنها صفية بنت حُيي". فقالا: سبحان الله، يا رسول الله. فقال: "إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شيئًا، أو قال: شرًّا" (١).

وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي: حدثنا محمد بن بحر، حدثنا عدي بن أبي عمَارة، حدثنا زياد النّميري، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله : "إن الشيطان واضع خطمه على قلب ابن آدم، فإن ذكر خَنَس، وإن نسي الْتقم قلبه، فذلك الوسواس الخناس" (٢). غريب.

وقال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن عاصم، سمعت أبا تميمة يُحَدث عن رَديف رسول الله قال: عَثَر بالنبي حمارهُ، فقلت: تَعِس الشيطان. فقال النبي : "لا تقل: تعس الشيطان، فإنك إذا قلت: تعس الشيطان، تعاظَم، وقال: بقوتي صرعته، وإذا قلت: باسم الله، تصاغر حتى يصير مثل الذباب" (٣).

تفرد به أحمد، إسناده جيد قوي، وفيه دلالة على أن القلب متى ذكر الله تصاغر الشيطان وغُلِب، وإن لم يذكر الله تعاظم وغلب.

وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو بكر الحنفي، حدثنا الضحاك بن عثمان، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : "إن أحدكم إذا كان في المسجد، جاءه الشيطان فأبسَّ (٤) به كما يُبَس الرجل بدابته، فإذا سكن له زنقه - أو: ألجمه". قال أبو هُرَيرة: وأنتم ترون ذلك، أما المزنوق فتراه مائلًا -كذا- لا يذكر الله، وأما الملجم ففاتح فاه لا يذكر الله ﷿ (٥). تفرد به أحمد.

وقال سعيد بن جبير، عن ابن عباس في قوله: ﴿الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ﴾ قال: الشيطان جاثم على قلب ابن آدم، فإذا سها وغفل وسوس، فإذا ذكر الله خَنَس (٦). وكذا قال مجاهد، وقتادة (٧).

وقال المعتمر بن سليمان، عن أبيه: ذُكرَ لي أن الشيطان، أو: الوسواس ينفث في قلب ابن آدم عند الحزن وعند الفرح، فإذا ذكر الله خنس (٨).


(١) أخرجه الشيخان من حديث صفية بنت حُييِّ . (صحيح البخاري، الأدب، باب التكبير والتسبيح عند التعجب ح ٦٢١٩)؛ وصحيح مسلم، السلام، باب بيان أنه يستحب لمن رؤي خاليًا بامرأة .. أن يقول هذه فلانة (ح ٢١٧٥).
(٢) أخرجه أبو يعلى بسنده ومتنه. (المسند ٧/ ٢٧٨ ح ٤٣٠١) وسنده ضعيف لضعف عدي وزياد. (فتح الباري ٨/ ٧٤٢ ومجمع الزوائد ٧/ ١٥٢).
(٣) تقدم تفسيره في بداية سورة الفاتحة.
(٤) التلطف بالدابة بأن يقول لها: بس بس تسكينًا لها. قاله السندي في حاشية المسند.
(٥) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه، وقال محققوه: إسناده قوي. (المسند ١٤/ ١٠٥، ١٠٦ ح ٨٣٧٠).
(٦) أخرجه عبد الرزاق وآدم بن أبي إياس والطبري والحاكم (المستدرك ٢/ ٥٤١) وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
(٧) أخرجه آدم بن أبي إياس والطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد وأخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن معمر عن قتادة.
(٨) أخرجه الطبري من طريق ابن ثور عن أبيه به وسواء كان عن والد ابن ثور أو والد معتمر بن سليمان فالسند ضعيف لجهالة المفسر.