للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال أبو جعفر الرازي (١): بلغني أن الصابئين قوم يعبدون الملائكة، ويقرءون الزبور، ويصلون للقبلة. وكذا قال سعيد بن أبي (٢) عروبة عن قتادة.

وقال ابن (٣) أبي حاتم: حدثنا يونس بن عبد الأعلى، أخبرنا ابن وهب، أخبرني ابن أبي الزناد، عن أبيه؛ قال: الصابئون قوم مما يلي العراق، وهم بـ "كوثى" (٤)، وهم يؤمنون بالنبيين كلهم، ويصومون من كل سنة ثلاثين يومًا، ويصلون إلى اليمن كل يوم خمس صلوات.

وسئل وهب (٥) بن منبه عن الصابئين؛ فقال: (الذي) (٦) يعرف الله وحده، وليست له شريعة يعمل بها، ولم يحدث كفرًا.

وقال عبد الله (٧) بن وهب: قال عبد الرحمن بن زيد: الصابئون: أهل دين من الأديان، كانوا بجزيرة الموصل يقولون: لا إله إلا الله، وليس لهم عمل، ولا كتاب، ولا نبي إلا قول: لا إله إلا الله. قال: ولم يؤمنوا برسول؛ فمن أجل ذلك كان المشركون يقولون للنبي وأصحابه: هؤلاء الصابئون يشبهونهم بهم؛ يعني: في قول: لا إله إلا الله.

[وقال الخليل: هم قوم يشبه دينهم دين النصارى، إلا أن قبلتهم نحو مهب الجنوب، يزعمون أنهم على دين نوح .

وحكى القرطبي (٨)، عن مجاهد، والحسن، وابن أبي نجيح: أنهم قوم تركب دينهم بين اليهود والمجوس، ولا تؤكل ذبائحهم، (قال ابن عباس) (٩): ولا تنكح نساؤهم.

قال القرطبي (٨): والذي تحصَّل من مذهبهم، فيما ذكره بعض العلماء، أنهم موحدون، ويعتقدون تأثير النجوم، وأنها (فعالة) (١٠)؛ ولهذا أفتى أبو سعيد الإصطخري بكفرهم للقادر بالله حين سأله عنهم] (١١).

[واختار (فخر الدين) (١٢) الرازي (١٣) أن الصابئين قوم يعبدون الكواكب؛ بمعنى أن الله جعلها قبلةً للعبادة والدعاء؛ أو بمعنى أن الله فوض تدبير أمر هذا العالم إليها؛ قال: وهذا القول هو المنسوب إلى الكشدانيين (١٤) الذين جاءهم إبراهيم (الخليل) (١٢) رادًا عليهم، ومبطلًا لقولهم] (١٥).

وأظهر الأقوال - والله أعلم - قول مجاهد ومتابعيه، ووهب بن منبه أنهم قوم ليسوا على دين


(١) أخرجه ابن جرير (١١١٠)؛ وابن أبي حاتم (٦٤٦).
(٢) أخرجه ابن جرير (١١٠٩) حدثنا بشر بن معاذ، حدثنا يزيد، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة. وسنده قوي.
(٣) في "تفسيره" (٦٤٥) وسنده حسن.
(٤) كوثى، بالضم، ثم السكون والثاء مثلثة، وألف مقصورة؛ ثلاثة مواضع بسواد العراق (ياقوت) (٤/ ٤٨٧).
(٥) أخرجه ابن أبي حاتم (٦٤٨) وسنده جيد.
(٦) ساقط من (ج).
(٧) أخرجه ابن جرير (١١٠٧) بسند صحيح.
(٨) في "تفسيره" (١/ ٤٣٤، ٤٣٥).
(٩) ساقط من (ن).
(١٠) كذا في سائر "الأصول"، وهو الموافق لما في "تفسير" القرطبي؛ وفي (ن): "فاعلة".
(١١) ساقط من (ز) و (ض).
(١٢) ساقط من (ن).
(١٣) في "تفسيره" (٢/ ١١٢، ١١٣).
(١٤) هم طائفة من عبدة الكواكب.
(١٥) ساقط من (ز) و (ض).