للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اليهود، ولا النصارى، ولا المجوس، ولا المشركين؛ وإنما هم قوم باقون على فطرتهم، ولا دين مقرر لهم يتبعونه ويقتفونه؛ ولهذا كان المشركون ينبزون من أسلم بالصابئ؛ أي: قد خرج عن سائر أديان أهل الأرض إذ ذاك.

وقال بعض العلماء: الصابئون الذين لم تبلغهم دعوة نبي. والله أعلم.

﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (٦٣) ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ (٦٤)﴾.

يقول تعالى، مذكرًا بني إسرائيل ما أخذ عليهم من العهود والمواثيق، بالإيمان، به وحده لا شريك له، واتباع رسله؛ وأخبر تعالى أنه لما أخذ عليهم الميثاق رفع الجبل فوق رؤوسهم، ليقروا بما عوهدوا عليه، (ويأخذوه) (١) بقوة (وحزم) (٢) (وهمة) (٣) وامتثال؛ كما قال تعالى: ﴿وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (١٧١)[الأعراف].

فالطور: هو الجبل (كما فسر بآية "الأعراف" (٤)) ونص على ذلك ابن عباس (٥)، ومجاهد، وعطاء، وعكرمة، والحسن، والضحاك، والربيع بن أنس، وغير واحد. وهذا (ظاهر) (٦).

وفي رواية عن ابن عباس (٧): الطور: ما أنبت من الجبال، وما لم ينبت فليس بطور.

وفي "حديث الفتون"، عن ابن عباس أنهم لما امتنعوا عن الطاعة رفع عليهم الجبل ليسمعوا.

وقال السدي (٨): فلما أبوا أن يسجدوا أمر الله الجبل أن يقع عليهم، فنظروا إليه، وقد غشيهم، فسقطوا سجدًا فسجدوا على شق، ونظروا بالشق الآخر؛ فرحمهم الله، فكشفه عنهم؛ فقالوا: والله ما سجدة أحب إلى الله من سجدة كشف بها العذاب عنهم؛ فهم يسجدون كذلك.

وذلك قول الله تعالى: ﴿وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ﴾.

وقال الحسن (٩) .......................................................................


(١) في (ج) و (ل): "فأخذوه".
(٢) في (ن): "جزم".
(٣) ساقط من (ن).
(٤) كذا في (ج) و (ز) و (ض) و (ك) و (ى)؛ وفي (ن): "فسر به في الأعراف"؛ وفي (ل): "فسرنا به الأعراف".
(٥) أخرجه ابن جرير (١١٢٤) من طريق ابن جريج قال: قال ابن عباس به. وسنده معضل. وأخرجه ابن أبي حاتم (٦٥٦) من طريق أبي عبد الصمد العمي، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: الطور جبل. ورجاله ثقات. وأما أثر مجاهد وعكرمة فأخرجهما ابن جرير (١١١٧، ١١٢١)؛ وأثر عطاء عند ابن أبي حاتم (٦٥٧). [وهذه الآثار يقوي بعضها الآخر].
(٦) في (ج): "الظاهر".
(٧) أخرجه ابن جرير (١١٢٥)؛ وابن أبي حاتم (٦٥٥) بسند ضعيف جدًّا.
(٨) أخرجه ابن جرير (١١٢٢) قال: حدثنا موسى؛ وابن أبي حاتم (٦٥٨) قال: حدثنا أبو زرعة قالا: حدثنا عمرو بن حماد، ثنا أسباط بن نصر، عن السدي به. وسنده حسن.
(٩) أخرجه ابن أبي حاتم (٦٥٩) من طريق إبراهيم بن عبد الله بن بشار، حدثني سرور بن المغيرة، عن عباد بن منصور، عن الحسن به. وسنده ضعيف. وإبراهيم بن عبد الله، ترجمه الخطيب في "تاريخ بغداد" (٦/ ١٢٠) =