للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان غنيًا، ولم يكن له ولد، وكان له قريب، وكان وارثه، فقتله ليرثه؛ ثم ألقاه على مجمع الطريق؛ وأتى موسى ، فقال له: إن قريبي قتل، وأُتي إلي أمر عظيم؛ وإني لا أجد أحدًا يبين لي من قتله غيرك يا نبي الله.

قال: فنادى موسى (١) في الناس؛ فقال: أنشد الله من كان عنده من هذا علم إلا (بينه) (٢) لنا، فلم يكن عندهم (علم) (٣) فأقبل القاتل على موسى ، فقال له: أنت نبي الله، فسل لنا ربك أن يبين لنا، فسأل ربه فأوحى الله إليه: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً﴾ فعجبوا من ذلك، فقالوا: ﴿أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ﴾ ﴿قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا فَارِضٌ﴾ [البقرة: ٦٨] يعني: لا هرمة، ﴿وَلَا بِكْرٌ﴾ [البقرة: ٦٨] يعني: ولا صغيرة، ﴿عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ﴾ [البقرة: ٦٨] أي: نصف بين البكر والهرمة.

﴿قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا﴾ [البقرة: ٦٩] أي: صاف لونها؛ ﴿تَسُرُّ النَّاظِرِينَ﴾ [البقرة: ٦٩] أي: تعجب الناظرين.

﴿قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ (٧٠) قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا ذَلُولٌ﴾ [البقرة] [أي: لم يذللها العمل] (١) ﴿تُثِيرُ الْأَرْضَ﴾ [البقرة: ٧١] يعني: وليست بذلول تثير الأرض؛ ﴿وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ﴾ [البقرة: ٧١] يعني: ولا تعمل في الحرث؛ ﴿مُسَلَّمَةٌ﴾ [البقرة: ٧١] يعني: مسلمةٌ من العيوب؛ ﴿لَا شِيَةَ فِيهَا﴾ [البقرة: ٧١] يقول: لا بياض فيها؛ ﴿قَالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ﴾ [البقرة: ٧١].

قال: ولو أن القوم حين أمروا بذبح بقرة استعرضوا بقرةً من البقرة فذبحوها لكانت إياها؛ ولكن شددوا على أنفسهم فشدد (الله) (٤) عليهم؛ ولولا أن القوم استثنوا، فقالوا: ﴿وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ﴾ [البقرة: ٧٠] لما هدوا إليها أبدًا.

فبلغنا أنهم لم يجدوا البقرة التي نُعتت لهم إلا عند عجوز، وعندها يتامى، وهي القيمة عليهم؛ فلما علمت أنه لا يزكو لهم غيرها أضعفت عليهم الثمن، فأتوا موسى فأخبروه أنهم لم يجدوا هذا النعت إلا عند فلانة؛ وأنها سألت أضعاف ثمنها؛ فقال موسى: إن الله قد خفف (عنكم) (٥) فشددتم على أنفسكم فأعطوها رضاها وحكمها. ففعلوا.

(واشتروها) (٦) فذبحوها؛ فأمرهم موسى أن يأخذوا عظمًا منها فيضربوا به القتيل؛ ففعلوا؛ فرجع إليه روحه، فسمى لهم قاتله؛ ثم عاد ميتًا كما كان. فأُخذ قاتله، وهو الذي كان أتى موسى (٧)، فقتله إليه، فقتله الله على أسوأ عمله.

وقال محمد بن جرير (٨): ...............................................................


(١) من (ك).
(٢) من (ن): "يبينه"؛ وفى (ل): "ليبينه".
(٣) ساقط من (ج).
(٤) لفظ الجلالة من (ن).
(٥) كذا في (ج). وفي سائر "الأصول": "عليكم"، وما اخترته أولى، والفعل: "خفف" ما عدي في القرآن إلا بـ "عن" والله أعلم.
(٦) في (ج): "واشتروا".
(٧) من (ن).
(٨) في "تفسيره" (١٢٩٩) وسنده ضعيف.
أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب "من عاش بعد الموت" رقم (٥٥) قال: حدثنا أبو خيثمة، قال: حدثنا =