للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[(أو) (١) ابن سيرين، وكذا حكاه (فخر الدين) (٢) (الرازي) (٣) في "تفسيره" (٤)، وزاد قولًا آخر وهو أنها للإبهام بالنسبة إلى المخاطب؛ كقول القائل: أكلت خبزًا أو تمرًا؟ وهو يعلم أيهما أكل. وقولًا آخر: وهو أنها بمعنى قول القائل: (أكلي حلو أو حامض) (٥)؛ أي: لا يخرج عن واحد من هذين الشيئين، والله أعلم] (٦).

وقال آخرون: "أو" ها هنا بمعنى "بل"؛ فتقديره: فهي كالحجارة؛ بل أشد قسوة. وكقوله: ﴿إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً﴾ [النساء: ٧٧].

﴿وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ (١٤٧)[الصافات: ١٤٧]، ﴿فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (٩)[النجم: ٩]. وقال آخرون: معنى ذلك ﴿فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً﴾ عندكم؛ حكاه ابن جرير.

وقال آخرون: المراد بذلك الإبهام على المخاطب، كما قال أبو الأسود:

أحب محمدًا حبًا شديدًا … وعباسًا وحمزة والوصايا (٧)

فإن يك حبهم رشدًا أصبه … (وليس) (٨) بمخطئ إن كان غيا

وقال ابن جرير: قالوا: ولا شك أن أبا الأسود لم يكن شاكًا في أن حب من سمي رشد، ولكنه أبهم على (من) (٩) خاطبه؛ قال: وقد ذكر عن أبي الأسود أنه لما قال هذه الأبيات قيل له: شككت؟ فقال: كلا والله، ثم انتزع بقول الله تعالى: ﴿وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾ [سبأ: ٢٤] فقال: أو كان شاكًا من أخبر بهذا [في الهادي منهم من الضال] (١٠).

وقال بعضهم: معنى ذلك: (فقلوبهم) (١١) لا تخرج عن أحد هذين المثلين؛ إما أن تكون مثل الحجارة في القسوة، وإما أن تكون أشد منها (قسوةً) (١٢).

قال ابن جرير: ومعنى ذلك على هذا التأويل: فبعضها كالحجارة قسوةً، وبعضها أشد قسوةً من الحجارة.

وقد رجحه ابن جرير (١٣) مع توجيه غيره.

قلت: وهذا القول الأخير يبقى شبيهًا بقوله تعالى: ﴿مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا﴾ [البقرة: ١٧] مع قوله: ﴿أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ﴾ [البقرة: ١٩] وكقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ﴾ [النور: ٣٩] مع قوله: ﴿أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ … ﴾ الآية [النور: ٤٠] أي: إن منهم من هو هكذا؛ ومنهم من هو هكذا. والله أعلم.


(١) في (ج): "و"!
(٢) ساقط من (ن).
(٣) ساقط من (ع).
(٤) (٢/ ١٣٨).
(٥) في (ن): "كل حلوًا أو حامضًا".
(٦) ساقط من (ز) و (ض) ووقعت هذه الفقرة في (ن) قبل: "تنبيه".
(٧) في "تفسير القرطبي": "أو عليًا".
(٨) هكذا في كل "الأصول"؛ وفي "الطبري" و"القرطبي": "ولست" وهو الأنسب للسياق.
(٩) ساقط من (ج).
(١٠) في (ن): "من الهادي منهم ومن الضال"؛ وفي (ج): "فالهادي منهم … "؛ وفي (ز) و (ك): "من الضلال".
(١١) في (ز) و (ن): "فقلوبكم".
(١٢) في (ن) و (ى): "في القسوة".
(١٣) في "تفسيره" (٢/ ٢٣٧).